اختيار البنت الإقامة عند أمها بعد بلوغها

0 8

السؤال

أمي تريد أن تتزوج؛ لأني في سن الزواج، وقد أتزوج قريبا. وأيضا هي تقول إنها بحاجة للزواج والسند، وأهل أبي يقاطعونها إلا من رحم الله، وليس لها معارف لتخرج وتتسلى معهم. وأنا أعيش عندها وباقي إخوتي عند أبي، وهو منفصل عن أمي.
والآن عندما أخبرت أبي أن أمي ستتزوج، قال: سآخذك عندي. وأنا أريد أن أعيش في بيت أمي حتى بعد ذهابها.
من الأسباب: أني أحب هذا البيت، وأيضا والدي مدخن، وأنا أكره الدخان كرها شديدا، رغم أني لست ملتزمة بالتعليمات الصحية تماما. ولكن الدخان مثل الكابوس بالنسبة لي، مع العلم أن البيت باسم أمي واسم أبي، فهما الاثنان دفعا مالا واشترياه.
فلو غيرت أمي رأيها، وتركت الزواج بسببي، رغم أني لا أقول لها: لا تتزوجي، ولكن أتمسك بالجلوس في بيتها، وقد تغير هي رأيها. فهل يكون علي إثم؟
وهل يجب علي العيش عند والدي إذا تزوجت أمي؛ لأنه للأسف لا أحد من إخوتي يزور أمي بالشكل الكافي، وهي كبيرة في السن، وفرص زواجها تقل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الولد -ذكرا كان أم أنثى- لا حضانة عليه بعد البلوغ. فإذا كان بالغا رشيدا فله حق الاختيار في الإقامة مع أبيه أو مع أمه.

قال ابن قدامة: ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل أو المعتوه، فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه.... انتهى. 

وإذا بقيت في بيت أمك تجنبا للأذى الحاصل من إقامتك مع أبيك؛ فلا نرى عليك حرجا في ذلك، ولو تسبب في ترك أمك الزواج.

وأما قولك: "أريد أن أعيش في بيت أمي حتى بعد ذهابها"، فإن كان يترتب عليه انفرادك بالسكنى في هذا البيت. فقد منع من ذلك بعض الفقهاء. وأجازه بعضهم إن كانت المرأة في حال لا يخشى عليها فيه، ويمكن مطالعة أقوالهم في ذلك، في الفتوى: 472111.

ولا ننصحك بالسكنى في حال الانفراد، فلعل وجودك في بيت أبيك يكون خيرا لك من الانفراد، وما ذكرت من أمر الدخان يمكنك أن تتقيه بحيث تكونين في جانب آخر مثلا عند شربه الدخان. ثم إنك إذا تيسر لك الزواج قد تنتقلين للسكنى مع زوجك، ويزول الإشكال. 

 وإن كان إخوتك عندهم شيء من التقصير في زيارة أمهم، فينبغي نصحهم بالحسنى، وتذكيرهم بحق أمهم عليهم في الصلة، وأن عليهم صلتها على الوجه الذي يعتبر صلة عرفا، وأن يكونوا على حذر من الوقوع في القطيعة؛ لأن ذلك يقتضي عقوقهم لها، والعقوق ذنب عظيم، وعواقبه وخيمة على صاحبه في الدنيا والآخرة.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: الصلة درجات، بعضها أرفع من بعض. وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام -ولو بالسلام-. ويختلف ذلك باختلاف القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، لو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها، لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له؛ لا يسمى واصلا. اهــ. 

ولا شك في أن صلة الوالدين تختلف عن صلة غيرهما. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة