ظُلْم الزوجة إرضاءً للوالدين وإلزامُها بالسكن معهما وخدمتِهما

0 12

السؤال

نعيش في أمريكا، وأهل زوجي ظلموني كثيرا عند ما كنت أعيش معهم، وبعد عناء كبير نقلني زوجي إلى شقة منفصلة عنهم، لي فيها شهور فقط، والآن والده طلب منه الرجوع ليعينه في بعض أعماله، علما أن لديه ولدين آخرين يعينانه على العمل، فوافق زوجي على الرجوع من أجل إعانة والده، ويريدني أن أرجع معه، وأنا لم أعد أطيق العيش هناك، لأنه لا يوجد أحد من أهلي في تلك المنطقة.
الأمر الآخر أن زوجي يعمل قرابة 17 ساعة في اليوم، فلم أعد أشعر بوجوده معي، وأهله يتهمونني بأنني أحرضه عليهم، والله يشهد أنني أنصحه دائما ببر والديه، لكنه قام بسبي وضربي، ويقول: إني أريد أن أفرق بينه وبين أهله، علما أنه وعدني بأننا سنستقر في مكان منفصل عنهم، والآن يريد أن يخلف وعده، وقد اشترطت عليه قبل الزواج أن أسكن في شقة مستقلة، وقد مضى على زواجي منه 10 سنين، ولم يتحقق هذا الشرط، فقلت سأجرب الحياة معهم لعلها تناسبني، لكنهم تمادوا كثيرا في ظلمي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا ضرر ولا ضرار.
والسؤال: ما حكم من يظلم زوجته إرضاء لأهله؟ وهل يلزم زوجة الابن شرعا أن تخدم والديه؟ علما أن زوجي يقول: إن لم أخدم والديه؛ فإنه سيتركني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب على هذا الزوج أن يجمع بين بر والديه ومعاشرة زوجته بالمعروف، ولا يجوز له أن يظلم زوجته إرضاء لأهله، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ظلم المرأة تحذيرا شديدا، ففي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة.

قال النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين: ومعنى "أحرج": ألحق الحرج، وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرا بليغا، وأزجر عنه زجرا أكيدا. انتهى.

ومن حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل مناسب، ولا يجب عليها خدمة أحد من أهله، ولا حق له في جبرها على السكن مع أحد من أهله في بيت متحد المرافق، أو خدمتهم، فضلا عن سبها، أو ضربها بسبب امتناعها من السكن معهم، أو خدمتهم.

وراجعي الفتويين التاليتين: 471403، 456574.

وليعلم الزوج أن طاعة الوالدين فيما لا يخالف الشرع؛ واجبة، ويتأكد ذلك فيما كان لهما فيه غرض صحيح، مما ليس فيه ضرر بين على الولد.

وراجعي الفتويين: 76303، 272299

ومن المعصية لله تعالى أن يكون فيما يأمران به ظلم لطرف آخر، أو تضييع لحق واجب له.

فنصيحتنا لك: أن تتفاهمي مع زوجك، وتبيني له ما ذكرناه من وجوب المعاشرة بالمعروف، وتحريم الظلم، والمضارة، وأن للزوجة الحق شرعا في المسكن المستقل؛ فإن رضي بذلك وعاشرك بالمعروف، فقد حصل المطلوب -والحمد لله-.

وإن أصر على سكنك مع أهله، وكان عليك ضرر في مساكنتهم؛ فلا تجب عليك طاعته في ذلك، ولكن عليك أن تتوخي الحكمة في التعامل معه في هذه المسألة الحساسة، وتحلي بالصبر والتريث في أي خطوة، حتى لا تتصرفي تصرفا تترتب عليه مفسدة أعظم بالنسبة لك، ويمكن أن توسطي بينك وبينه بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم من الصالحين؛ ليصلحوا بينكما، وإذا لم يفد ذلك؛ فلك رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية، أو من يقوم مقامها في المراكز الإسلامية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة