هل تأثم من تكره أمها المؤذية ولا تستطيع مسامحتها؟

0 24

السؤال

ما حكم الأم التي أنجبت ابنتها دون زواج، ثم تركتها عند جدتها، وتزوجت، وكونت أسرتها، وكانت إذا زارتنا تضربها، وتهينها، ولا تظهر لها حبا، أو حنانا، ثم عندما كبرت البنت شجعتها على الموسيقى، وكانت تأخذ مالها الذي تحصل عليه من عملها في الأعراس، وعندما علمت البنت حرمة الموسيقى، وأرادت التوبة عذبتها، وضربتها.... ولما تزوجت البنت أصبحت تنغص عليها حياتها، وتتدخل في أمورها، وتحرضها على بيتها، وزوجها، ولا تنفعها، بل تضرها، وتؤذيها،
ثم إن هذه البنت الآن وهي امرأة، وأم لا تستطيع مسامحتها من قلبها، وتشعر أن أمها قد ظلمتها كثيرا بكل الطرق، وما زالت، وعندما تلاقيها تحاول أن تتقي الله فيها، وتعاملها بما يرضي الله من ضيافة، وطاعة، ومحاولة إسعادها، لكنها في داخلها لا تقدر أن تسامحها، خاصة عندما يسألها أبناؤها عن اسم أبيها، أو جدهم، أو يسألونها عن مواضيع عادية بالنسبة للآخرين، لكنها صعبة عليها، ولا تجد لها جوابا.
والله المستعان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن محاسن الإسلام أن أوجب على الأبناء البر بالأمهات ولو كن مشركات، فكيف لو كن مسلمات؟ لا بد أنه أولى وأحرى، وكون أم هذه المرأة قد أساءت إليها، ولم تحسن تربيتها في صغرها، أو أساءت عشرتها في شبابها لا يحرمها حقها في البر، والإحسان الذي أوجبه الله تعالى عليها نحوها.

وأما كونها أنجبتها بطريقة غير مشروعة، فهذا لا شك ذنب عظيم، ونسأل الله تعالى أن يوفقها للتوبة منه -إن كانت مسلمة- وأن يهديها للإسلام إن لم تكن مسلمة، ومع ذلك، فليست معصيتها القديمة مسوغة لهذه المرأة بأن تعقها، وتسيء إليها، فالأم مكلفة ومخاطبة خطابا شرعيا مستقلا، والبنت كذلك مكلفة ومخاطبة خطابا شرعيا مستقلا، وليس تقصير إحداهما فيما كلفت به مسوغا لتقصير الأخرى في القيام بما أوجبه الله تعالى عليها، فإنما حساب كل واحدة منهما على الله تعالى.

ونصيحتنا لهذه المرأة أن تستعين بالله تعالى على بر أمها، والإحسان إليها، استجابة لأمر الله تعالى القائل في كتابه: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان: 14 - 15} 

ولا يضر هذه المرأة -صاحبة الشأن- بعد أن تبذل كل جهدها في معاملة أمها، وفقا لهذا المنهج الرباني أن تجد في صدرها ضغينة نحوها، فذلك مما لا طاقة لها بدفعه، ولا يحاسبها الله تعالى عليه، طالما أنه حبيس صدرها، ولم يظهر على معاملتها لها المعاملة التي أمرها الله بها.

وأما سؤال أبنائها عن نسبها: فلا شك أنه من المصائب التي لا يخلو مسلم من نوع منها، فالمؤمن في هذه الدنيا مبتلى، والراحة التي لا شقاء معها في الجنة فقط، وإن كانت قد ابتليت بفقدان النسب، فغيرها ابتلي بالأمراض المزمنة التي تحرمه لذة النوم، ومنهم من ابتلي بالسجن ظلما حتى مضت زهرة شبابه، ومنهم من ابتلي بالعقم فلم يعرف طعم الأبوة، فالحمد لله أن لم يجعل مصيبتها في دينها! والحمد لله الذي وفقها للصبر عليها، ومع ذلك فيمكنها التحايل على أبنائها بسائر أنواع الحيل، فتخترع نسبا، كأن تقول إنها بنت عبد الله، فكل الخلق أبناء عباد الله تعالى -وهي منهم- وهكذا، حتى تتخلص من إحراج أبنائها لها، وفي التورية مندوحة عن صريح الكذب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة