طلب تيسير الأمور بقراءة القرآن والدلالة على ذلك

0 21

السؤال

ما حكم قراءة القرآن قبل البدء بالدراسة -مثلا- على نية التيسير، ونية التفوق، ونية كسب الفضل من الله -عز وجل-؟ وما حكم أن أنصح الآخرين بذلك؟
فمثلا: أنا أقرأ سورة البقرة يوميا -تقريبا- وأرى أمورا إيجابية تحصل لي، فلو نشرت تجربتي في ذلك، فهل هذا رياء، وحرام؟
ولا أقصد تخصيص سورة معينة، ولكن القرآن بشكل عام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج أن تبدئي يومك بقراءة القرآن؛ طلبا لتحصيل البركة، والخير، وتيسير الأمور، فالقرآن كله خير، وبركة، كما قال الله -تعالى-: وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون {الأنعام: 155}. قال القرطبي في (تفسيره): قوله تعالى: (وهذا كتاب): يعني القرآن (أنزلناه) صفة، (مبارك): أي بورك فيه، والبركة الزيادة. انتهى.

وقال القرطبي -أيضا- في قوله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا {الإسراء: 82}: معناه: وننزل القرآن شفاء، لأن كل حرف منه يشفي، وليس الشفاء مختصا به بعضه دون بعض. انتهى.

وقال الحافظ ابن كثير في (تفسيره): ووصفه بالبركة - لمن اتبعه، وعمل به في الدنيا والآخرة.انتهى.

فالقرآن كله مبارك، وشفاء، وتحصل راحة البال، وطمأنينة النفس بقراءة أي سورة منه، وقد قال الله -تعالى-: ألا بذكر الله تطمئن القلوب { الرعد:28}. ولا شك أن سورة البقرة لها مزيد خصوصية، وفضل في حصول البركة، ودفع أذى الشياطين، فقد روى مسلم في (صحيحه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة.

 قال الحافظ المناوي في كتابه: (فيض القدير): (فإن أخذها) يعني: المواظبة على تلاوتها، والعمل بها. (بركة): أي زيادة، ونماء. انتهى.

وروى ابن حبان في (صحيحه): أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام.

وقد ذكرنا فضائل سورة البقرة، ومنافعها، ومعنى كونها بركة، في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 386068 218857 160583. وبينا أن قراءتها لأجل تحصيل تلك المنافع الدنيوية فقط، من غير نظر إلى الثواب الأخروي، والتقرب إلى الله -تعالى- قد يدخل في التعبد لله -تعالى- من أجل تحصيل الدنيا، وهذا مذموم شرعا. ولا يشترط لنيل بركة هذه السورة الكريمة أن تقرأ كل يوم، ولكن تستحب المواظبة على تلاوتها، ولو كل عدة أيام.

هذا، ولا حرج في دلالة الناس على فضل قراءة سورة البقرة من خلال ذكر ما تفضل الله -تعالى- به عليك بسبب مواظبتك على تلاوتها يوميا، بل قد يكون ذلك سببا لتحفيز كثير من الناس على المواظبة على قراءتها، بالإضافة إلى ما ثبت من أخبار صحيحة في ذلك، وقد سبق ذكر بعضها؛ لأن النفوس جبلت على النشاط للعمل عند سماع قصص الناجحين، وأخبار الفائزين.

ولا يكون إخبارك للناس بعملك الصالح رياء، إلا إذا كان مرادك بذلك هو طلب مدحهم، وثنائهم، لكن إذا جردت نيتك، وأخلصت لله -تعالى- فلا يكون نشرك لأخبارك رياء -إن شاء الله تعالى-. ولا شك أن الأولى أن تبهمي الشخص الذي تذكرين أخباره، ولا تنسبي ذلك لنفسك، إمعانا في الإخلاص؛ فتقولين مثلا: أعرف شخصا واظب على قراءة سورة البقرة كل يوم، فحصل له كذا، وكذا، وتقصدين بهذا الشخص نفسك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة