لم يحج ولديه مال زائد أرصده للطوارئ فهل يلزمه الحج به

0 11

السؤال

سؤالي بخصوص الاستطاعة المادية لأداء فريضة الحج، فعندي مبلغ من المال أحتفظ به في حساب بنكي، للظروف الطارئة -لا قدر الله- وهو يكفي لتغطية مصاريف أداء فريضة الحج من الذهاب حتى العودة، وقد وجدت رأيا يقول إنه إذا كان معي من المال ما يكفي لفريضة الحج أصبحت مخاطبا بأمر الله: لمن استطاع إليه سبيلا- وعليه، يتعين علي المبادرة بالذهاب حتى وإن لم يعد معي أي مال للطوارئ، وأصبح مصدر دخلي هو الراتب الشهري فقط، الذي سيتعين علي الادخار منه مجددا من الصفر، وإن تأخير الحج لخشية الفقر –ما لم يخش الهلاك - هو سوء ظن بالله، ولكنني وجدت رأيا آخر يقول لا يتحقق شرط الاستطاعة المادية مع وجود خطر الإرهاق المادي في حالة الاستغناء عن رأس المال الذي سيتم تغطية مصاريف الحج به، وإن الحج يكون بفضل المال ما يزيد عن حاجة الإنسان الأصلية، وإن غنى النفس ودفع الحاجة إلى سؤال الناس المال في حالة الطوارئ -لا قدر الله- من الحاجات الأصلية لذلك، فمن يشعر أنه سيشق عليه الاستغناء عن المال الذي سيحج به فهو غير مأمور بالحج... فهل أحج بالمال المدخر الذي معي؟ أم أحتاط من تقلبات الزمان، وأدخر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستطاعة من شروط وجوب الحج، كما قال تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا {سورة آل عمران: 97}.

ويدخل في معنى الاستطاعة القدرة المادية بأن يملك الحاج تكاليف الحج، ومنها نفقاته طوال سفره، وكذلك نفقة من تلزمه نفقته، وأن يملك ما يقضي به دينه، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كتابه أسنى المطالب: الاستطاعة تارة تكون بالنفس، وتارة تكون بالغير، فالأولى تتعلق بخمسة أمور: الأول، والثاني: الزاد، والراحلة؛ لتفسير السبيل في الآية بهما في خبر الحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين، وتعتبر أوعية الزاد كما يعلم مما يأتي للضرورة إليها، فمن فضل عن دينه - ولو مؤجلا - أو أمهل به، ولو إلى إيابه، وعن نفقته، ونفقة من تلزمه نفقتهم، وكسوتهم اللائقة به وبهم ذهابا وإيابا، وكذا عن مسكن، وخادم يحتاجه - أي كلا منهما - لزمانة، أو منصب، أو نحوهما، أو عن ثمنهما، ما يصرفه في الزاد وأوعيته، ومؤن السفر ذهابا وإيابا - فمستطيع، فيلزمه النسك، وإلا فلا، كنظيره في الكفارة، وصرح الدارمي بمنعه من ذلك حتى يترك لممونه نفقة الذهاب والإياب، ووجه اعتبار كون ما ذكر فاضلا عن دينه الحال والمؤجل: أن الحال على الفور، والحج على التراخي، والمؤجل يحل عليه، فإذا صرف ما معه في الحج لم يجد ما يقضي به الدين. انتهى.

فمن تحققت فيه الاستطاعة على النحو المذكور وجب عليه أن يحج حجة الإسلام، ولا يسقط عنه وجوب الحج بحجة الحاجة للمال للطوارئ في المستقبل، أو خشية الفقر، فإن ما ينفقه المسلم في الحج من مال هو سبب للرزق في الحقيقة، كما قال تعالى: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين {سورة سبأ: 39}.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: أنفق يا ابن أدم أنفق عليك.

وفي الحديث الآخرعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة. رواه الترمذي.

وأما ما ذكرت أنك وجدته رأيا آخر فيما تتحقق به الاستطاعة زائدا على ما ذكرنا لا نعلمه بهذا التفصيل قولا لأحد من أهل العلم.

وللفائد راجع الفتوى: 22472.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة