مذاهب العلماء في ملاقاة المائع للنجاسة

0 27

السؤال

ما هي مذاهب العلماء في المائع غير الماء، إذا أصابته نجاسة؟ وما هو ترجيح فضيلتكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فللعلماء في هذه المسألة مذاهب معروفة.

أولها: -وهو قول الجمهور- أن المائع ينجس بملاقاة النجاسة قليلا كان، أو كثيرا، وإليه ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة في معتمد المذهب.

والقول الثاني: هو أن المائع كالماء ـ فلا ينجس كثيره إلا بالتغيرـ وأما قليله فينجس بملاقاة النجاسة، وهو مذهب الحنفيةـ ورواية عن الإمام أحمد، جاء في الموسوعة الفقهية ما مختصره: ذهب المالكيةـ والشافعيةـ والحنابلة في أولى الروايات عندهم إلى أن ما سوى الماء المطلق من المائعات كالخل، وماء الورد، واللبن، والزيت، والعسل، والسمن، والمرق، والعصير، وغيرها، تتنجس بملاقاة النجاسة، سواء كان هذا المائع قليلا لا يبلغ القلتين، أو كثيرا يبلغ القلتين، وسواء أعسر الاحتراز منها، أم لم يعسر؛ لأنه ليس لهذه المائعات خاصية دفع الخبث، كما هو شأن الماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الفأرة تموت في السمن: إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه- وفي رواية: فأريقوه.... وذهب الحنفية وهو رواية عن أحمد إلى أن المائع كالماء لا ينجس إلا بما ينجس به الماء... قال حرب: سألت أحمد قلت: كلب ولغ في سمن أو زيت؟ قال: إذا كان في آنية كبيرة مثل جب، أو نحوه، رجوت أن لا يكون به بأس، ويؤكل؛ لأنه كثير، فلم ينجس بالنجاسة من غير تغير كالماء، وإن كان في آنية صغيرة، فلا يعجبني ذلك. انتهى محل الغرض من نقل الموسوعة.

وفي المسألة قول ثالث إليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وهو أن المائعات كلها كالماء، والماء عنده لا ينجس إلا بالتغير كقول المالكيةـ ورواية عن أحمد، فطرد -رحمه الله- هذا القول في سائر المائعات، وذهب إلى أن شيئا منها لا ينجس إلا بالتغير، وحكى هذا القول رواية عن أحمد، قال رحمه الله: وفي الجملة للعلماء في المائعات ثلاثة أقوال: أحدها: أنها كالماء، والثاني: أنها أولى بعدم التنجس من الماء، لأنها طعام، وإدام، فإتلافها فيه فساد، ولأنها أشد إحالة للنجاسة من الماء، أو مباينة لها من الماء، والثالث: أن الماء أولى بعدم التنجس منها، لأنه طهور.

ثم أطال النفس -رحمه الله- في تقرير مذهبه، ورد حجة المخالف بما تحسن مراجعته من مجموع الفتاوى: ج-21 ص: 495- وما بعدها، ومذهب ابن حزم هو أن المائعات لا تنجس إلا بالتغير، إلا السمن إذا وقعت فيه فأرة، كما هي عادته -رحمه الله- في الجمود على الظواهر.

والمفتى به عندنا هو قول الجمهور أن المائع ينجس بملاقاة النجاسة، وراجع الفتوى: 116082.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة