سبب اختلاف الراويين عن شيخهم الذي تلقوا عنه القراءة

0 5

السؤال

سؤالي يتعلق بروايات القرآن الكريم: لماذا يوجد اختلاف بين الروايتين عن القارئ نفسه، كقالون وورش مثلا؟ وهل قرأ نافع بالروايتين معا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقراء قد يكون لبعضهم وجهان في كلمة ما، فينقل عنه أحد رواته وجها، وينقل الراوي الثاني وجها آخر، وهكذا، فعاصم -مثلا- أخذ عن عبد الله السلمي عن عثمان وعلي -رضي الله عنهما- كما أخذ عن زر بن حبيش عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقد روى عنه حفص ما أخذ عن السلمي، وروى عنه شعبة ما أخذ عن زر رحم الله الجميع.

وقد حصل مثل ذلك لنافع، فقد كان عنده عدة شيوخ، فربما يكون عنده في كلمة روايتان، فيقرئ قالون بما رواه عن أحد شيوخه، ويقرئ ورشا بما رواه عن شيخ آخر.

وقد ذكر ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات القراء: أن حفصا سأل عاصما فقال له: أبو بكر يخالفني فقال: أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأقرأت أبا بكر بما أقرأني زر بن حبيش عن ابن مسعود. انتهى.

ومثل هذا حاصل في رواية الصحابة للقراءات، فقد يقرئ النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة قراءة، ويقرئ آخر بقراءة أخرى، ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله؛ إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقراتنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله اقرا. فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت. ثم قال لي: اقرا. فقرأت فقال: هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه.

وفي صحيح مسلم عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ ‌قراءة ‌أنكرتها ‌عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ ‌قراءة ‌أنكرتها ‌عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه. فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرآ، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري، ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله -عز وجل- فرقا، فقال لي: يا أبي، أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين. فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

وقد بينا سبب تعدد الروايات في الفتوى: 493987، فراجعها، وراجع ما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة