حكم مقابلة من سبَّ أهلك ولعنهم بسبِّ أهله ولعنهم

0 3

السؤال

قال الله تعالى: ﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمون﴾ [المائدة: 45]. وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه." قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه." فهل ما ذكرت من نصوص يعطيني الحق، إذا شتمني أحدهم بأهلي (كأن يقول: "يا ابن...")، أن أرد عليه بنفس الشتيمة؟ وما هو التصرف الأفضل إذا تعرض أحد لشتمي أو شتم طفلي بهذه الألفاظ؟ كيف يجب أن يرد الطفل؟ خصوصا أن بعض الناس يعتبر الرد الحاد معيارا للقوة، فإن لم يرد الطفل، أو رد ردا بسيطا دون شتيمة، يعتبر ضعيفا وقد يعتدى عليه أكثر، سواء باللفظ أو بالفعل.
الطفل قادر على الدفاع عن نفسه، لكن المشكلة تكمن في مضمون الشتيمة ذاته. فما الرد المناسب الذي يمكن أن يقوله الطفل في حال شتم، أو سب الدين أمامه؟ علما أن الطفل ليس معتديا بطبعه، وإنما يقال له هذا الكلام بقصد الاستفزاز.
الحمد لله، هذا لا يحدث في بيتنا أو في محيطنا القريب، لكنه تعرض لمثل هذا الموقف عدة مرات. وأفراد الأسرة لديهم آراء متباينة، ولا أعلم ما هو رأي الشرع في هذا الأمر، وما هي النصيحة التربوية المناسبة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لمن سب أحد أهله، أو لعنهم، أن يرد عليه بسب أهله أو لعنهم؛ لأن في ذلك عدوانا على أهله، ومقابلة للمعصية بالمعصية، وهذا غير جائز.

قال القاضي أبو بكر بن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن: وأما إن أخذ عرضك، فخذ عرضه، لا تتعداه إلى أبويه، ولا إلى ابنه، أو قريبه. لكن ليس لك أن تكذب عليه، وإن كذب عليك، فإن المعصية لا ‌تقابل ‌بالمعصية؛ فلو قال لك مثلا: يا كافر، جاز لك أن تقول له: أنت الكافر؛ وإن قال لك: يا زان، فقصاصك أن تقول: يا كذاب، يا شاهد زور.
ولو قلت له: يا زان، كنت كاذبا، فأثمت في الكذب، وأخذت فيما نسب إليك من ذلك، فلم تربح شيئا، وربما خسرت.
انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإن كان قد سبه، فله أن يسبه مثل ما سبه إذا لم يكن فيه عدوان على حق محض لله، أو على غير الظالم.
فإذا لعنه، أو سماه باسم كلب ونحوه، فله أن يقول له مثل ذلك، فإذا لعن أباه، لم يكن له أن ‌يلعن ‌أباه؛ لأنه لم يظلمه.
وإن افترى عليه كذبا، لم يكن له أن يفتري عليه كذبا؛ لأن الكذب حرام لحق الله
. انتهى من مجموع الفتاوى.

وأما بخصوص التوجيه التربوي للأطفال عند تعرضهم للشتم، أو السب من أحد؛ فننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة