السؤال
كان هناك وقت للمراجعة، وكنت أحل فيه كثيرا من النماذج والاختبارات. وقد حلفت أمي أنها ستصحح لي ما أنجزه، أي أنها كلما حللت اختبارا أو نموذجا تقوم بتصحيحه. فهل إذا لم تصحح أكثر من نموذج تحنث أكثر من مرة؟ وهناك امتحان لا أستطيع العثور على إجاباته، فلو حللت نفس الامتحان لاحقا، ولكنني لا أتذكر إجاباتي السابقة، وهي قامت بتصحيحه - فهل تحنث في هذه الحالة أيضا، أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت حلفت على تصحيح مجموعة من الأوراق، ولم تحدد وقتا لذلك، فلا تعتبر حانثة إلا بتعذر التنفيذ، بتلف الأوراق، أو بموتها.
فقد جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (وإذا حلف ليفعلن شيئا، ونوى وقتا بعينه) كيوم، أو شهر، أو سنة، (تقيد به ... وإن لم ينو) وقتا بعينه (لم يحنث) الحالف (حتى ييأس من فعله، إما بتلف المحلوف عليه، أو موت الحالف، ونحوه)، لقول عمر يا رسول الله! ألم تخبرنا أنا سنأتي في البيت ونطوف به؟ قال بلى، فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قال لا، فإنك آتيه ومطوف به؛ ولأن المحلوف على فعله لم يتوقت بوقت معين وفعله ممكن، فلم تحصل مخالفة ما حلف عليه، وذلك يوجب عدم الحنث. اهـ.
وقال ابن العماد في معطية الأمان من حنث الأيمان: إن حلف ليفعلن شيئا، وعين وقتا لفعله، كلأعطين زيدا درهما يوم كذا، أو سنة كذا، تعين ذلك الوقت لذلك الفعل، فإن فعله فيه بر، وإلا حنث؛ لأنه مقتضى يمينه. وإن لم يعين وقتا بأن قال: لأعطين زيدا درهما، لم يحنث حتى ييأس من فعله بتلف محلوف عليه، أو موت حالف، أو نحو ذلك؛ لأن اللفظ يحتمل إرادة المحلوف عليه في وقت، ويحتمل غيره، فيرجع إلى ما نواه -ككنايات الطلاق، والعتاق-، وإن لم تكن له نية لم يحنث قبل اليأس من فعله، فإن الله تعالى قال: {لتدخلن المسجد الحرام ... } 8 الآية. فقال عمر: يا رسول الله! أو لم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنك آتيه العام؟ قال: "لا"، قال: فإنك آتيه ومطوف به. اهـ.
والله أعلم.