السؤال
المستقر عند أغلب العلماء أن نصاب زكاة المال ما يعادل 85 جراما من الذهب عيار 24، وعند البحث وجدت أن معيار الدينار من الذهب زمن النبي صلى الله عليه وسلم غير معلوم، ولكنه أيام الدولة الأموية كان بنسبة 96% من الذهب، وعيار 24 هو 99% من الذهب، وعند الحساب استقر لدي أن النصاب 82.42 جراما من الذهب عيار 24 (وهو أحوط لدي).
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه عامة العلماء المعاصرين هو أن نصاب الذهب الواجب فيه الزكاة بالجرامات هو خمسة وثمانون جراما، وإن كانت المسألة لا تخلو من خلاف بينهم، منشؤه الاختلاف في تقدير المثقال -أي الدينار-، والمرجح أن المثقال يساوي أربعة جرامات وربع من الذهب الخالص.
وعليه؛ يكون النصاب خمسة وثمانين جراما.
وأما قولك: إن وزن الدينار لم يكن معلوما زمن النبوة؛ ففيه نظر.
وقد بحث الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله- في كتابه: "فقه الزكاة" هذه المسألة بتفصيل وبسط؛ فبين وزن الدينار الشرعي، وذكر طريق ذلك؛ فكان مما قاله: والخلاصة التي نخرج منها من كلام هؤلاء، ما لخصه حكيم المؤرخين ابن خلدون بقوله: "اعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام، وعهد الصحابة والتابعين، أن الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب، والأوقية منه أربعين درهما، وهو على هذا سبعة أعشار الدينار، ووزن المثقال من الذهب الخالص اثنان وسبعون حبة من الشعير الوسط؛ فالدرهم -الذي هو سبعة أعشاره- خمسون حبة وخمسا حبة، وهذه المقادير كلها ثابتة بالإجماع".
وأما الدينار -وهو المثقال- فالمشهور أنه لم يتغير في جاهلية، ولا إسلام، ومن المتفق عليه أن النقود الإسلامية العربية بهذا الوزن المجمع عليه، إنما انتشرت في الآفاق منذ عهد عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي الذي وجد الدراهم في عصره ما بين كبير وزنه ثمانية دوانق، وصغير يزن أربعة دوانق؛ فجمعهما، وحمل زيادة الأكبر على نقص الأصغر، وجعلهما درهمين متساويين، زنة كل منهما ستة دوانق كاملة، واعتبر المثقال أيضا، فإذا هو في آباد الدهر لم يبرح مؤقتا محدودا، كل عشرة دراهم -مما يزن ستة دوانق- فإنها سبعة مثاقيل؛ فأقر ذلك وأمضاه، من غير أن يعرض لتغييره.
ثم طول الكلام في كيفية تقدير وزن الدرهم والدينار بما تحسن بك مراجعته.
ثم قال: وإذن يكون نصاب الفضة بالوزن الحديث هو 2.975 × 200 = 595 من الجرامات، ويكون نصاب الذهب هو4.25 × 20 = 85 جراما من الذهب. انتهى. والبحث هناك مستوفى، وهو نفيس.
فإذا علمت هذا؛ بان لك أن ما عليه عامة المفتين من اعتبار القدر المذكور هو الصواب، وهو الذي نختاره، ونفتي به.
وإذا ظهر لك خلاف هذا؛ فلك أن تعمل به في نفسك، ولا تلزم به غيرك.
والله أعلم.