السؤال
أنا طبيب بيطري، أعمل منذ قرابة خمس سنوات في مستشفى للخيول في ألمانيا، ولكن الدخل مقارنة بصعوبة العمل، يعد قليلا، ولا يبقى منه شيء تقريبا بعد تغطية مصاريف الأسرة.
ظروف العمل مرهقة؛ من سهر وساعات طويلة، وقد أحببت أن أسأل عن إمكانية عملي داخل المجازر في ألمانيا، فالدخل فيها أعلى بكثير من العيادات والمشافي، والعمل فيها أيسر نسبيا. لكن هناك أمورا كثيرة لا تتوافق مع أحكام الذبح الشرعي، مثل: تخدير الحيوان قبل ذبحه، وعدم ذكر اسم الله على الذبيحة، وعدم معرفة ديانة من يقوم بالذبح، وبعض المجازر تذبح عدة أنواع من الحيوانات في نفس المكان، ومنها الخنازير.
بعض الزملاء المسلمين يعملون في هذه الأماكن، وأخبروني أنهم استفتوا مجالس أوروبية، وأفادوهم بعدم وجود حرج في ذلك. لكنني لا أشعر بالارتياح تجاه هذا الأمر، وأود الاستفسار بوضوح: هل العمل في المجازر -عموما- ممنوع شرعا؟ وهل يجوز العمل في مجزر يذبح فيه البقر فقط؟ مع العلم أنني لست مضطرا ماديا لهذا العمل، والحمد لله، فالراتب الذي أتقاضاه حاليا يكفيني ويكفي أسرتي شهريا.
جزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن بعض زملائك المسلمين استفتوا مجالس أوروبية للإفتاء، فأفتوهم بجواز عملهم في تلك المجازر.
وعليه؛ فإذا كان ذلك صحيحا، والمجالس تلك موثوقة، فلا حرج عليك في تقليدها، ومن ثم يجوز لك العمل في هذه المجازر، وإن أردت أن تسلك سبيل الورع والاحتياط، فلا تنتقل للعمل فيها.
وبالنسبة لتخدير الحيوان قبل الذبح، فإن كان لا يموت بذلك، فلا يضر، وانظر الفتوى: 476248.
وأما ترك التسمية على الذبيحة، فالأمر فيه واسع، فاشتراط التسمية محل خلاف بين العلماء.
جاء في المغني لابن قدامة: وأما الذبيحة، فالمشهور من مذهب أحمد، أنها شرط مع الذكر، وتسقط بالسهو.
وروي ذلك عن ابن عباس. وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وإسحاق.
وممن أباح ما نسيت التسمية عليه، عطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب، والحسن، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد، وربيعة.
وعن أحمد، أنها مستحبة غير واجبة في عمد ولا سهو. اهـ.
وأما عدم معرفة ديانة الذابح، فالعبرة بغالب أهل البلد، فإن كانوا مسلمين أو أهل كتاب يهود، أو نصارى، فالذبيحة حلال، حتى يتبين أن الذابح غير مسلم، ولا كتابي.
جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي: بحث بعض المتأخرين أن من يحل ذبحه لو كان أغلب في تلك البلد، كأن كان أكثرها مسلمين، أو كتابيين، حلت تلك الشياه المذبوحة مثلا .. والحاصل أن المدار على الشك، فحيث شك في ذابح تلك الشاة، ومن لا يحل ذبحه أكثر حرمت، وإلا فلا. اهـ.
وانظر للفائدة الفتويين: 486397، 132160.
والله أعلم.