السؤال
هل الأعراف من الرجال دون النساء؟ أرجو التوضيح.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعبير بكلمة "رجال" في الآية لا يلزم منها أن يكون أصحاب الأعراف من الرجال دون النساء.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وليس تخصيص الرجال بالذكر بمقتض أن ليس في أهل الأعراف نساء، ولا اختصاص هؤلاء الرجال المتحدث عنهم بذلك المكان دون سواهم من الرجال، ولكن هؤلاء رجال يقع لهم هذا الخبر، فذكروا هنا للاعتبار على وجه المصادفة، لا لقصد تقسيم أهل الآخرة وأمكنتهم، ولعل توهم أن تخصيص الرجال بالذكر لقصد التقسيم قد أوقع بعض المفسرين في حيرة لتطلب المعنى، لأن ذلك يقتضي أن يكون أهل الأعراف قد استحقوا ذلك المكان لأجل حالة لا حظ للنساء فيها، فبعضهم حمل الرجال على الحقيقة، فتطلب عملا يعمله الرجال لا حظ للنساء فيه في الإسلام، وليس إلا الجهاد، فقال بعض المفسرين: هؤلاء قوم جاهدوا وكانوا عاصين لآبائهم، وبعض المفسرين حمل الرجال على المجاز بمعنى الأشخاص من الملائكة، أطلق عليهم الرجال لأنهم ليسوا إناثا كما أطلق على أشخاص الجن في قوله تعالى: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن [الجن: 6]، فيظهر وجه لتخصيص الرجال بالذكر تبعا لما في بعض تلك الأحاديث التي أشرنا إليها. اهـ.
وقد وردت في أصحاب الأعراف أقوال أوصلها القرطبي في تفسيره إلى عشرة، ومن أرجحها: أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.
فقد ثبت عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: أصحاب الأعراف قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار، وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. فبينما هم كذلك إذ اطلع عليهم ربك. قال: قوموا ادخلوا الجنة، فإني قد غفرت لكم. رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
وقال ابن كثير: اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف، من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة، وابن عباس، وابن مسعود، وغير واحد من السلف والخلف -يرحمهم الله-. انتهى.
والله أعلم.