لا يثبت التحريم عند الشك في عدد الرضعات

0 7

السؤال

طفل حديث الولادة، بعد ولادته أصيبت والدته بعارض صحي، فبقيت في المستشفى لمدة يوم إلى يومين، فتمت رعاية الطفل مؤقتا لدى خالته. وكانت الخالة ترضع ابنتها التي كانت تبلغ من العمر سنة وثلاثة أشهر، أي أنها كانت تكبر الطفل بسنة وثلاثة أشهر فقط، فقامت بإرضاعه أيضا خلال تلك المدة.
لكن الخالة لا تتذكر عدد الرضعات التي قامت بها بدقة، وتقول إنها لا تظن أنها كانت كثيرة، بل الشيء الوحيد الذي تتذكره بيقين هو أن حليبها لم يكن كافيا، وكان الطفل لا يشبع منه، بل كان يبكي بشدة من الجوع، ولا يهدأ إلا بعد أن تعطيه الحليب الصناعي، حيث كان يشبع ويسكن بكاؤه. وهذا يدل على أن الرضاعة لم تكن مشبعة في أي من المرات.
وبعد مرور عشرين سنة على ذلك، لم تستطع الفتاة (ابنة الخالة) أن تسأل عالما بنفسها، فحكت قصتها لأحد الأشخاص ليسأل نيابة عنها، وقد نقل لها هذا الشخص أن أحد العلماء قال بجواز الزواج، بناء على ما توفر من معلومات حينها. وبناء على ذلك، تزوجت من ابن خالتها قبل خمس عشرة سنة، ولديهما الآن أبناء.
ومؤخرا، سألت الزوجة أحد العلماء من المذهب الحنفي، فأفتاها ببطلان الزواج، فاقتنعت بكلامه ورفضت الاستمرار في الحياة الزوجية. بينما الزوج سأل عالما شافعيا كبيرا، فأكد له أن الرضاع المحرم لا يثبت إلا إذا وقعت خمس رضعات مشبعات، أي أن يشبع الطفل في كل مرة شبعا تاما. وبما أن الخالة تقر بأن الطفل لم يكن يشبع من حليبها، وكان لا يسكن بكاؤه إلا بالحليب الصناعي، فإن شرط الرضاع المحرم لم يتحقق، والزواج شرعي صحيح.
وبناء على ما سبق، ومع كون الزوجين من أهل السنة وعلى المذهب الشافعي، هل يعد زواجهما صحيحا شرعا؟ أم يجب عليهما الانفصال؟
جزاكم الله خيرا، وبارك في علمكم وعملكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أن الرضاع المحرم يشترط فيه خمس رضعات متفرقات، وهو مذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب، وراجع الفتويين: 463258، 126784.

وفي حال الشك في عدد الرضعات: هل هي خمس أم أقل؟ فإن التحريم لا يثبت.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع أو في عدد الرضاع المحرم، هل كمل أو لا؟ لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه فلا نزول عن اليقين بالشك. انتهى.

وما دامت المرأة قد عملت بالقول بصحة زواجها، لعدم تحقق شروط الرضاع المحرم؛ فالزواج صحيح، ولا يحق لها الانفصال عن زوجها، عملا بالقول الآخر الذي علمته مؤخرا، فإن عامة العلماء على أن من قلد قولا من أقوال أهل العلم وعمل به في مسألة؛ فليس له الرجوع إلى قول آخر في نفس المسألة.

جاء في حاشية ابن عابدين -رحمه الله-: وليس له إبطال ‌عين ‌ما ‌فعله بتقليد إمام آخر؛ لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا ينقض. انتهى.

وجاء في شرح الكوكب المنير: وإن عمل عامي في حادثة بما أفتاه مجتهد لزمه البقاء عليه قطعا، وليس له الرجوع عنه إلى فتوى غيره في تلك ‌الحادثة ‌بعينها إجماعا. نقله ابن الحاجب، والهندي، وغيرهما. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة