حكم التنازل عن أرض اشتراها بالتقسيط من جمعية عمرانية لشخص آخر

0 0

السؤال

أعمل خارج بلدي، وتقوم المجتمعات العمرانية في بلدي بطرح أراض للعاملين بالخارج في مختلف دول العالم مرة كل عام. وتكون هذه الأراضي في أغلب المحافظات التي تمتلك ظهيرا صحراويا، ويكون الدفع بالدولار.
قدمت في الطرح الأخير للأراضي، وتم تخصيص قطعة أرض لي، وقد دفعت ربع المبلغ (38,000 دولار)، وتبقى نحو (103,000 دولار). يتم سداد باقي المبلغ إما نقدا عند استلام الأرض، أو على ثلاث دفعات بعد الاستلام، محملة بفوائد البنك المركزي وقت سداد كل قسط.
في الإجازة الماضية، ذهبت إلى قطعة الأرض التي خصصت لي، وأردت بيعها قبل استلامها. وقد وجدت مشتريا، فقام بمعاينة الأرض من حيث الموقع والمساحة، وقبل بالشراء. وحيث إن كراسة الشروط تنص على أنه إذا أراد المالك التنازل عن الأرض، فإن التنازل يتم بجهاز المدينة من الطرف المتنازل والطرف المتنازل إليه، عن طريق توكيل رسمي. ويحل المتنازل إليه محل المتنازل في سداد جميع الأقساط، وعند دفع باقي ثمن الأرض، تنتقل الملكية إليه بموجب التوكيل الذي أنشأته له مسبقا بجهاز المدينة.
ومن المتوقع استلام الأرض بعد ستة أشهر من الآن، وقد أبلغت المشتري بضرورة سداد باقي ثمن الأرض نقدا، تفاديا للفوائد البنكية المترتبة على الأقساط المتبقية، وقد وافق على ذلك. فقمت بعمل توكيل عام له، يتضمن البناء والتعامل مع كافة الجهات وسداد باقي الثمن.
السؤال: إذا استلم الأرض ولم يدفع باقي الثمن نقدا، واختار سداد الباقي على أقساط، فهل علي إثم؟ وهل يجوز بيع أرض لا تزال عليها أقساط؟
توضيح:
ثمن الأرض بالكامل هو 141,000 دولار، وطرق الدفع المتاحة كانت كما يلي:
الطريقة الأولى: دفع 38,000 دولار قبل التخصيص، وسداد الباقي (103,000 دولار) نقدا عند الاستلام.
الطريقة الثانية: دفع 38,000 دولار قبل التخصيص، ثم 68,000 دولار عند الاستلام دون فوائد، ثم بعد عام من الاستلام دفع القسط الأخير (34,000 دولار) أيضا دون فوائد.
الطريقة الثالثة: دفع 38,000 دولار قبل التخصيص، ثم 34,000 دولار عند الاستلام دون فوائد، ثم بعد عام سداد القسط الثاني محملا بفوائد بنكية، ثم بعد عام آخر سداد القسط الأخير أيضا محملا بالفوائد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا تم البيع، وصارت الأرض ملكا لك، وقبضتها بالفعل، فلا حرج في بيعها، حتى ولو بقي عليك من ثمنها شيء في ذمتك، والقبض يكون هنا بتخلية الدولة بينك وبين الأرض، وتمكينك من التصرف فيها.

قال النووي في روضة الطالبين: الرجوع فيما يكون قبضا إلى العادة، ويختلف بحسب اختلاف المال ... إن كان مما لا ينقل كالأرض والدور، فقبضه بالتخلية بينه وبين المشتري، وتمكينه من اليد، والتصرف بتسليم المفتاح إليه. اهـ.

أما لو كانت الأرض لم يتم قبضها، فلا يصح بيعها على الراجح من قولي أهل العلم؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم تضمن، وعن بيع ما ليس عندك. رواه أحمد والأربعة. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه. رواه مسلم، قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله.

وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار: قال الشافعي: وبهذا نقول، يعني بقول ابن عباس، فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان، فليس له أن يبيعه حتى يقبضه، وذلك أن من باع ما لم يقبض، فقد دخل في المعنى الذي يرويه بعض الناس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى أهل مكة: انههم عن بيع ما لم يقبضوا، وربح ما لم يضمنوااهـ.

ولكنه يجوز لك التنازل عن حقك في تلك الأرض مقابل مبلغ من المال تتفقان عليه، ولعل من نظائر ذلك عند الفقهاء المتقدمين ما ذكروه من جواز النزول عن الوظائف مقابل مال، وهذا من باب إسقاط حق واجب في نظير شيء، لا بيع حقيقي. 

يقول ابن رشد في شخص يقول لآخر يسوم سلعه: كف عني ولك دينار، إن ذلك جائز، ويلزمه دينار، اشترى، أو لم يشتر. انتهى.

وقال ابن عبدوس: لا إشكال فيه؛ لأنه عوض على ترك، وقد ترك. انتهى.

 وقد أصبت في طلبك من المشتري أن يقوم بسداد باقي ثمن الأرض نقدا، تفاديا لأخذ البنك للفوائد البنكية عن الأقساط المتبقية، ولو أنه تعهد لك بذلك، ولم يف بما تعهد به، فلا يلحقك إثم من ذلك؛ لأنك لم ترض به، وقد حاولت تفاديه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة