خِطبة المرأة نفسها - رُؤية شرعية واقعية

0 3

السؤال

هل يجوز للرجل أن يعرض الزواج على امرأة مباشرة، سواء بحضورها أو عبر الإنترنت؟
أي: هل يجوز له أن يتقدم إليها بطلب الزواج مباشرة، وأن يطرح عليها بعض الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالحياة الزوجية، ثم يطلب منها وسيلة للتواصل مع ولي أمرها؟
فإن كثيرا من النساء يقمن برد طلبات الزواج التي يقدمها بعض الشباب الملتزمين بطريقة شرعية ومهذبة، سواء وجها لوجه أو عبر وسائل التواصل الحديثة، بل إن بعضهن يقدمن على حظرهم فورا، ظنا منهن أن هذا الفعل محرم شرعا.
ومن جهة أخرى، يرفض بعض الآباء الخطاب الملتزمين، لا لعيب فيهم، وإنما لمجرد أنهم لم يبدؤوا الحديث معهم هم أولا، بل توجهوا بالطلب إلى بناتهم مباشرة، وهذا من مظاهر الجهل بأحكام الشريعة ومقاصدها.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرض الزواج على جويرية رضي الله عنها بنفسه، ولا خلاف بين أهل العلم في جواز عرض الرجل الزواج على المرأة مباشرة، ما دام ذلك ضمن حدود الأدب والضوابط الشرعية.
ثم بعد هذه المبادرة، يتم التعارف الشرعي بالنظر إلى وجه المرأة والكلام معها بحضور محرمها، مع التنبيه إلى أن المقصود هنا هو حديث مختصر لغرض عرض الزواج فقط، لا التعارف العاطفي أو ما شابهه.
فهل يمكن توجيه كلمة ونصيحة للشباب والفتيات، وكذلك للآباء والأولياء، بخصوص هذا الموضوع؟
جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، وكتب أجركم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز أن تخطب المرأة إلى نفسها، بكرا كانت أو ثيبا، إذا روعيت الضوابط الشرعية، وأمنت الفتنة.

قال العمراني -رحمه الله- في البيان في مذهب الإمام الشافعي: .. يجوز أن تخطب المرأة إلى نفسها، وإن كان لها أولياء. انتهى.

لكن الأصل -عادة- أن تخطب المرأة إلى وليها، ولا تخطب إلى نفسها، وخاصة إذا كانت بكرا، فإن الشرع فرق بين البكر والثيب في الإذن بالزواج، نظرا لما جبلت عليه البكر من الحياء.

جاء في فتح القدير للكمال ابن الهمام: وسببه أن البكر لا ‌تخطب إلى ‌نفسها عادة، بل إلى ‌وليها، بخلاف الثيب. انتهى.

وجاء في نصب الراية للزيلعي: وإنما وقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر؛ لأن الثيب ‌تخطب إلى ‌نفسها، فتأمر ‌الولي بتزويجها، والبكر ‌تخطب إلى ‌وليها، فيستأذنها، ولهذا فرق بينهما، في كون الثيب إذنها الكلام، والبكر إذنها الصمات، لأن البكر لما كانت تستحيي أن تتكلم في أمر نكاحها، لم ‌تخطب إلى ‌نفسها، والثيب ‌تخطب إلى ‌نفسها لزوال حياء البكر عنها، فتتكلم بالنكاح، وتأمر ‌وليها أن يزوجها. انتهى.

فالخلاصة: أنه ينبغي للخاطب مراعاة العادات والأعراف ما لم تخالف الشرع، وأنه لا يسوغ للأولياء منع المرأة من الزواج ممن خطبها وكان كفؤا، ورضيت به، لمجرد أنه خطبها إلى نفسها.

قال الشيخ رشيد رضا -رحمه الله- في تفسير المنار: وقوله: (بينهم) يشعر بأن لا نكر في أن يخطب الرجل ‌المرأة ‌إلى ‌نفسها، ويتفق معها على التزوج بها، ويحرم حينئذ عضلها، أي امتناع الولي أن يزوجها منه إذا كان ذلك التراضي في الخطبة بالمعروف شرعا وعادة، بألا يكون هناك محرم، ولا شيء يخل بالمروءة، ويلحق العار بالمرأة وأهلها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة