السؤال
والدتي مطلقة، وهي مسافرة في دولة عربية. وقد تزوجت منذ فترة قصيرة، لكن الزواج تم بولاية أخي الأصغر، حيث كان أخي في بلدي، وتم سؤاله عبر الهاتف، ولم يكن حاضرا معها هناك.
ولي أخ أكبر من هذا الأخ، ولم يكن يعلم بأمر الزواج. وعندما علم بالأمر، انقلبت الأوضاع في المنزل، ورفض هذا الزواج بشدة، وحدثت خلافات بين إخوتي؛ لأن الأخ الأصغر وافق دون علم الأخ الأكبر، ولأن والدتي لم تخبر أخي الكبير. وفي لحظة غضب حاول إيذاء نفسه، وفي وقت آخر أراد إيذاء والدتي. فهل يجوز الزواج بولاية الأخ الأصغر دون علم الأخ الأكبر؟ وهل يجوز استمرار هذا الزواج رغم هذه المشاكل؟ وهل يجب الترتيب في الولاية بين الإخوة عند الزواج، ويشترط موافقة الأخ الأكبر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول -ابتداء- إن عقد النكاح من خلال وسائل الاتصال الحديثة، لا يصح في المفتى به عندنا، كما بيناه في الفتوى: 96558، وقد ضمناها قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص.
وأما مسألة تزويج الابن الصغير أمه دون رضا الابن الكبير، فإن كان الابن الصغير بالغا رشيدا، فإن العقد صحيح، ولا يضر رفض الابن الأكبر؛ لأن تقديم الأكبر على الأصغر في ولاية النكاح للأولياء المستويين في الدرجة، إنما هو على سبيل الأفضلية، لا على سبيل الوجوب ولا الشرطية لصحة النكاح، فلو زوج الأصغر بإذن المرأة مع وجود الأكبر، فإن العقد صحيح.
قال ابن قدامة في المغني: إذا استوى الأولياء في الدرجة، كالإخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم، فالأولى تقديم أكبرهم وأفضلهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما تقدم إليه محيصة، وحويصة، وعبد الرحمن بن سهل، فتكلم عبد الرحمن بن سهل، وكان أصغرهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كبر كبر. أي قدم الأكبر، قدم الأكبر، فتكلم حويصة.
وإن تشاحوا، ولم يقدموا الأكبر، أقرع بينهم؛ لأن حقهم استوى في القرابة ... فإن بدر واحد منهم فزوج كفؤا بإذن المرأة، صح، وإن كان هو الأصغر المفضول الذي وقعت القرعة لغيره؛ لأنه تزويج صدر من ولي كامل الولاية، بإذن موليته، فصح، كما لو انفرد. وإنما القرعة لإزالة المشاحة. اهـ.
وأما إن كان الابن الصغير دون سن البلوغ، فإن العقد لا يصح على رأي الجمهور الذين يشترطون الولي لصحة النكاح، لأن من شروط الولي في النكاح أن يكون بالغا رشيدا، كما بيناه في الفتوى: 15009. وللابن الأكبر الحق في الاحتجاج على هذا التزويج حينئذ.
وفي كل الأحوال يجب على الابن الأكبر أن يتقي الله تعالى في نفسه، ويبر أمه وأن لا يؤذيها، فإن هذا من العقوق، وعند الاختلاف يرفع الأمر للمحكمة الشرعية إن وجدت، أو مشافهة من يصلح للفصل من أهل العلم في مسألتكم، واعملوا بما يفتيكم فيه إن لم توجد محكمة شرعية.
والله أعلم.