السؤال
أنا رجل متزوج، في الخمسين من عمري، رغبت في الزواج من امرأة ثانية لأسباب أراها مهمة بالنسبة لي، غير أن الأمر -كما لا يخفى عليكم- ليس هينا على الزوجة الأولى. ويزداد الأمر تعقيدا كونها تعاني مرضا مزمنا؛ إذ أصاب الغدة النخامية لديها ضمور إثر نزيف حاد بعد الولادة، فهي تستمد هرموناتها من الأدوية.
ولا أريدها أن تعلم بالأمر، لأني أخشى عليها من شدة الصدمة، وقد أكدت لي ذلك بعدما أحست بشيء من الريبة إثر بعض الخلافات التي نشبت بيننا، فاستحلفتني ألا أقدم على الزواج في حياتها، فحلفت لها خوفا عليها.
فقد قالت لي: "ستخسرني إن فعلت، فإما أن أهلك وأموت، أو سأفارقك، لأني أريدك لي وحدي".
وأنا أرى أن حبي لها وتمسكي بها أقرب إلى الحقيقة من حبها لي، لأنها لو كانت تحبني حقا لآثرت البقاء معي مهما كانت الظروف.
فهل أكون مخادعا أو خائنا إن كفرت عن يميني وفعلت ما يريح نفسي؟ فإني أعاني فراغا نفسيا شديدا يؤثر في حياتي الزوجية من نواح عدة.
أفتونا مأجورين، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعدد مباح إن قدر الزوج على العدل الذي هو شرط إباحته، كما قال تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا... [النساء: 3]. ولكنه ليس واجبا.
وعليه؛ فمهما أمكنك الصبر، وترك الحنث، فربما كان أفضل، وخاصة إن خشيت أن يترتب على الزواج من ثانية مفاسد على أسرتك -كتأذي الزوجة وهي على حالتها التي ذكرت، وتشتت الأسرة، وضياع الأولاد-، وإن ترجحت مصلحة زواجك من ثانية، فلا بأس بالحنث والتكفير عن اليمين، روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها. وفي رواية: وكفرت عن يميني.
ولا تعتبر بذلك خائنا لها أو مخادعا، ولا يلزمك أن تخبرها بزواجك من ثانية، فيمكنك أن تخفي الأمر عنها. وإن قدر أن اطلعت على أمر زواجك، فلتكن حكمتك حاضرة، واجتهد في إرضائها ولو ببعض الهدايا والتحف، بحيث تتجاوز الصدمة الأولى.
هذا؛ وننبه إلى أن الغيرة أمر فطري في النساء مهما بلغت إحداهن من الديانة ومحبة الزوج، بل كلما زادت محبتها له زادت غيرتها عليه.
والله أعلم.