الترهيب من الاستقراض من غير حاجة

0 1

السؤال

منذ حوالي عام، أقرضت أحد أصدقائي مبلغا من المال، وكنت قد بعت ذهبا أملكه لتوفير هذا المبلغ، إذ إنني أدخر أموالي عادة في الذهب وليس في البنك؛ خوفا من شبهة الربا. وقد كانت نيتي خالصة لله تعالى، على أنها قرض حسن؛ لأني كنت أظنه في حاجة شديدة إلى المال. إلا أنني بعد فترة لاحظت أنه يعيش أسلوب حياة يعتمد على الدين؛ فيستدين من الناس بصفة دائمة، ويدخل أبناءه مدارس خاصة، ويضحي في العيد، رغم أنه لا يملك ما يكفي لذلك.
أنا راض بما فعلت، وأحتسب الأجر عند الله، لكن أحيانا يراودني شعور بالحسرة لأنني بعت الذهب بمبلغ معين، ولو كنت احتفظت به لزاد سعره اليوم؛ لأنه يفكر في مصلحته ومصلحة أولاده. فهل ثواب القرض الحسن يزول لأني فكرت هذا التفكير؟ وهل يجوز شرعا أن أقرض في المستقبل ذهبا ويرد إلي ذهب من نفس العيار والمقدار حتى أحافظ على قيمة المال؟ وهل يؤثر ذلك على ثواب القرض الحسن أو ينقص من أجره؟
كما أرجو من فضيلتكم نصيحة شرعية في التعامل مع من اعتادوا الاستدانة دون حاجة حقيقية، حتى لا أقع في الحرج، أو أستغل بحسن النية، ونصيحة أستطيع أن أقدمها لصديقي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما السؤال الأول، فجوابه: أن هذا التفكير لا يزيل ثواب القرض الحسن، خاصة وأن سببه ليس الندم على الإحسان، وإنما ظهور عدم حاجة المقترض للقرض، كما كان يظن المقرض.

وأما السؤال الثاني فجوابه: أنه يجوز إقراض الذهب إذا كان مما تنضبط صفاته، وراجع في ذلك الفتويين: 113477، 345421.

ولا يؤثر ذلك على ثواب القرض؛ لأن مقرض الذهب لن يسترد إلا مثله، ولن ينتفع بقرضه، فهو محسن على أية حال. ومع ذلك فلو أقرض النقد؛ تخفيفا على المقترض، وتيسيرا عليه، فهو أعظم لثوابه.

وأما السؤال الثالث، فجوابه: أن الدين مسؤولية شديدة، وحمل ثقيل على ظهر المدين، فلا ينبغي تحمله دون حاجة. فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها. قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدين. رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من مات وعليه دينار أو درهم، قضي من حسناته، ليس ثم دينار ولا درهم. رواه ابن ماجه.

وعن محمد بن عبد الله بن جحش -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعدا حيث توضع الجنائز، فرفع رأسه قبل السماء، ثم خفض بصره، فوضع يده على جبهته فقال: سبحان الله! سبحان الله! ما أنزل من التشديد!". قال: ففرقنا وسكتنا، حتى إذا كان الغد؛ سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين، والذي نفسي بيده؛ لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش، ثم قتل ثم عاش، ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى دينه. رواه النسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وانظر الفتوى: 213565.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة