السؤال
في كتاب فقه العبادات على المذهب الشافعي ورد النص الآتي: أما النجاسة الحكمية: فهي التي لا لون لها، ولا طعم، ولا ريح، ولا حجم، كبول جف ولم تدرك له صفة، ويطهر المحل منها بسيلان الماء عليه، ولو من غير فعل فاعل، كالمطر مثلا؛ فالمهم ورود الماء ولو قليلا، أي صبه على النجاسة. فهل هذا يعني أن فرك النجاسة ليس ضروريا ولو كانت النجاسة الحكمية جافة؟
وهل قول المالكية في إزالة النجاسة الحكمية هو نفسه قول الشافعية؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط الفرك ولا العصر في تطهير النجاسة الحكمية عند الشافعية، بل يكفي في ذلك جريان الماء على الموضع المتنجس، ولو من غير فعل فاعل -كمطر، ونحوه-، فمرور الماء عليه بمثابة زوال اللون والطعم والرائحة، ولأن المقصود عندهم أن يصل الماء الطهور إلى المحل ويتخلله، فيزيل الحكم الشرعي للنجاسة.
قال الجويني في نهاية المطلب: ويكفي مرور الماء على مورد النجاسة مرة واحدة، والزيادة احتياط، والسبب فيه أن ما لطف حتى لا يظهر له لون، ولا طعم، ولا رائحة، [ولا جرم، فمرور الماء عليه بمثابة زوال اللون والطعم والرائحة] من النجاسات العينية. اهـ.
وقال ابن حجر في تحفة المحتاج: (وما نجس بغيرهما) أي المغلظ والمخفف (إن لم يكن)، أي: يوجد فيه (عين) بأن كان الذي نجسه حكمية، وهي التي لا تحس ببصر ولا شم ولا ذوق، والعينية نقيض ذلك (كفى جري الماء) على ذلك المحل بنفسه وبغيره مرة، إذ ليس ثم ما يزال. اهـ.
وأما المالكية، فقولهم يوافق قول الشافعية من أن النجاسة الحكمية يكتفى في تطهيرها بورود الماء على المحل المتنجس.
قال الحطاب في مواهب الجليل: النجاسة إما حكمية، أو عينية، فالحكمية: يكفي فيها ورود الماء على المحل. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 245239.
فالحاصل أن الفرك ليس بشرط في تطهير النجاسة الحكمية في مذهب الشافعية والمالكية كذلك، وإنما يكفي في ذلك جريان الماء على المحل؛ كما قدمنا.
والله أعلم.