السؤال
أنا موظف أعمل على بعد ستين كيلومترا من بيتي، وحين أذن الظهر تأخرت في العمل، فلما وصلت إلى المسجد فاتني القيام في الركعة الأولى، فأدركت الركوع في منتصف المسجد ثم مشيت والتحقت بالصف، لكن لما نهضنا للركعة الثانية تبين لي أن هناك صفا قبلي لم يكتمل، فسلمت عن يميني وتقدمت إلى الصف. ولما أكملنا الصلاة لاحظت أن الصف لم يكتمل، وأن الصف الذي بعده مكتمل. فهل خروجي من الصلاة جائز؟
أجتهد في المحافظة على صلاة الجماعة، لكن صلاة العصر هي الوحيدة التي لا أصليها في الجماعة؛ بحكم أني بعيد، وإذا بقيت في المدينة التي أعمل بها لا أجد وسيلة نقل للذهاب إلى البيت. فهل علي إثم لأني لا أصلي العصر جماعة، وأصليها في البيت حين أعود إليه؟
أنا -والحمد لله- مواظب على صلاة الجماعة، لكن تؤرقني صلاة العصر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره للمسبوق الركوع خلف الصف كي يدرك الركعة مع الإمام، والسنة ألا يركع حتى يقف في الصف، فعن أبي بكرة: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك الله حرصا ولا تعد، رواه البخاري.
والحديث يدل على صحة صلاة من ركع منفردا خلف الصف، ولكن فعله مكروه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تعد.
قال الحافظ ابن حجر في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري): قال ابن المنير: صوب النبي صلى الله عليه وسلم فعل أبي بكرة من الجهة العامة، وهي الحرص على إدراك فضيلة الجماعة، وخطأه من الجهة الخاصة. قوله: ولا تعد أي إلى ما صنعت من السعي الشديد، ثم الركوع دون الصف، ثم من المشي إلى الصف. انتهى.
وقد أخطأت بخروجك من الصلاة لتكمل الصف المتقدم، والسنة أن تتقدم لتسد الفرجة في الصف الذي أمامك، إن تيسر ذلك، ولم يحتج الأمر إلى عمل ومشي كثيرين، أما إن كان وصلك للصف المتقدم يحتاج إلى مشي وعمل كثير، فكان الواجب عليك أن تستمر في مكانك في الصف المتأخر، وصلاتك صحيحة على كل حال. وانظر الفتويين: 135345، 310726.
هذا؛ ولا حرج عليك في كونك لا تصلي العصر في جماعة لتعذر ذلك عليك، بل نرجو لك أن يكتب الله أجر الجماعة ولو صليت منفردا؛ لحرصك على أداء الصلاة مع الجماعة.
قال الحافظ ابن حجر في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري): قال السبكي الكبير في الحلبيات: من كانت عادته أن يصلي جماعة، فتعذر، فانفرد، كتب له ثواب الجماعة، ومن لم تكن له عادة، لكن أراد الجماعة، فتعذر، فانفرد، يكتب له ثواب قصده لا ثواب الجماعة. انتهى.
والله أعلم.