أنا خبير في برامج الرسم ثلاثي الأبعاد، ورسم الكرتون، وكنت أريد أن أعمل برنامج رسوم متحركة للصغار والكبار، أتحدث فيه عن قضايا الأمة الإسلامية، وأسـلط الضوء على الأحداث التي تحدث في مجتمعنا -من تأثر بالغرب، وتقليده في الانفتاح، وكيف أن هذه الأمور محرمة-، وأعطي النصائح فيما يخص هذا الموضوع وغيره من المواضيع. كل هذا سأتحدث عنه بطريقة كوميدية وساخرة لا يمل منها المشاهد، وفي نفس الوقت يستفيد منها ويأخذ العبرة والدرس. وسأرفع هذه الفيديوهات على يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أني لن أفعل الإعلانات في يوتيوب، أو أتـربح منها فيما يخص الإعلانات وتفعيل الإعلانات على يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، فقط سأضع رابطا للدعم المادي يدخل إليه المشاهد ويدعمني.
فهل يجوز لي رسم هذه الرسوم المتحركة حتى ولو كانت من ذوات الأرواح، حيث إني سأضع شخصية رئيسية أتحدث من خلالها؟ وإذا كان ذلك لا يجوز، فهل أطمس ملامح الوجه وأترك الرأس والشعر، أو أطمس الوجه وأترك الرأس وأضع نظارة -مثلا- للشخصية؟ حيث إنه قد يمل المشاهد إذا كان شكل الشخصية سيئا أو مملا.
ولن أضع في فيديوهاتي موسيقى، لكن سأضع مؤثرات صوتية مثل صوت الباب، أو صوت ارتطام، أو صوت جرس وما شابه، فهل هذا جائز أم لا؟ مع تحديد ما إذا كان هنالك نوع من المؤثرات الصوتية غير الجائزة، وأرجو منكم إعطائي مثالا عليها.
وشكرا جزيلا لكم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في بعض الفتاوى السابقة أن الرسم الإلكتروني، والثلاثي الأبعاد، والصور الرقمية عموما لذوات الأرواح: محل خلاف بين أهل العلم، والأقرب إلى الرجحان هو القول بالجواز إذا كانت الصور هادفة، وخلت من الموسيقى، والصور العارية، والمفاهيم الخاطئة المخالفة للشريعة، ونحو ذلك من المحظورات.

والأولى أن يكون المرسوم ناقص الخلقة نقصا لا تمكن حياة ذي الروح معه، كأن يكون مقطوع البطن، أو الرأس، أو الصدر.

قال ابن قدامة في المغني: إن قطع رأس الصورة ذهبت الكراهة، روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن، ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن قطع منه ما لا يبقى الحيوان بعد ذهابه كصدره أو بطنه، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه، لم يدخل تحت النهي؛ لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابه، فهو كقطع الرأس، وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده -كالعين، واليد، والرجل-، فهو صورة داخلة تحت النهي.
وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان. اهـ.

 ولا حرج أن يستعيض المبرمج عن الموسيقى بالمؤثرات الصوتية ولو كان أصلها مأخوذا من صوت بعض المعازف، بشرط أن لا يبلغ الصوت أن يكون موزونا ومطربا؛ لأنه بذلك لا يدخل في المعازف.

فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (4/ 95): إذا انبعثت أصوات الجمادات من تلقاء نفسها، أو بفعل الريح، فلا قائل بتحريم استماع هذه الأصوات.
أما إذا انبعثت بفعل الإنسان، فإما أن تكون غير موزونة ولا مطربة، كصوت طرق الحداد على الحديد، وصوت منشار النجار ونحو ذلك، ولا قائل بتحريم استماع صوت من هذه الأصوات.
وإما أن ينبعث الصوت من الآلات بفعل الإنسان موزونا مطربا، وهو ما يسمى بالموسيقى... اهـ. ثم بينت تفصيل أحكام الموسيقى.

وراجع الفتاوى التالية: 316279، 119052، 3127، 17410، 214816.

والله أعلم.