السؤال
أملك ماكينة لقص لصقات الحناء، وهذه الماكينة أشتري لها تصاميم من مصممات. وقد اشترطن أن من يشتري منهن لا يشارك أحدا فيما اشتراه منهن، بل يستفيد به هو فقط؛ لكي يكثر الزبائن على كل تصميم. فهل يحرم علي مشاركة التصميم مع أحد بدون علمهن بعد أن اشتريته؟ علما أن بعض النساء قد أسسن قروبات، وتضع كل واحدة منهن مبلغا من المال حتى يكفي لشراء التصاميم، ثم تتواصل واحدة فقط منهن مع إحدى المصممات على أنها تشتريه لنفسها. ولو علمت المصممة أنها تشتريه لها ولغيرها لما باعته لها. فهل هذا أيضا حرام؟
ولو كان حراما، فماذا أفعل بالتصاميم التي عندي، التي أخذت بعضها ممن اشترينه سابقا، وبعضها الآخر عن طريق تلك القروبات؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا في تكييف مثل هذه المعاملة أن بيع المصمم تصميمه لأحد، مع اشتراط عدم نشره أو إعطائه لغيره، أنه ليس بيعا ولا إجارة محضة، وإنما هو أقرب لما يسميه المعاصرون بيع حق الاستعمال، لا بيع الملكية المادية.
ومن يملك حق الانتفاع، يجوز له الانتفاع بنفسه دون غيره، بخلاف من يملك المنفعة أو الذات، فيجوز له الانتفاع بنفسه وبغيره، بمعاوضة وغير معاوضة.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد: تمليك المنفعة شيء، وتمليك الانتفاع شيء آخر، فالأول يملك به الانتفاع والمعاوضة، والثاني يملك به الانتفاع دون المعاوضة... وعلى هذا الخلاف تخرج إجارة المستعار، فمن منعها كالشافعي، وأحمد، ومن تبعهما، قال: لم يملك المنفعة، وإنما ملك الانتفاع، ومن جوزها كمالك، ومن تبعه، قال: هو قد ملك المنفعة، ولهذا يلزم عنده بالتوقيت. اهـ.
وقال القرافي في الفروق في الفرق بين قاعدة تمليك الانتفاع، وبين قاعدة تمليك المنفعة: تمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة هو أعم، وأشمل، فيباشر بنفسه، ويمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية. اهـ.
وإذا كانت الحال -كما ذكرت السائلة- من أن المصممات (قد اشترطن أن من يشتري منهن لا يشارك أحدا فيما اشتراه منهن، بل يستفيد به هو فقط)، (ولو علمت المصممة أنها تشتريه لها ولغيرها لما باعته لها).
فيجب الالتزام بهذا الشرط؛ لما فيه من مصلحة ظاهرة لمن اشترطته، ولعموم قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [المائدة: 1]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقول القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
ومبنى هذا على أن التصميم حق محفوظ لمن ابتكره، ولا يجوز التعدي عليه دون إذنه، وراجعي في ذلك الفتويين: 124926، 474004.
ولذلك؛ فإن التصاميم التي أخذتها السائلة ممن خالف شرط المصممة، لا يجوز لها استعمالها في عملها، فإما أن تتلفها، أو تستأذن ممن صممتها.
والله أعلم.