السؤال
ما حكم استخدام المعير والمستعير معا للمعار في نفس الوقت؟ وماذا يترتب في حالة تلفه أو سرقته؟
فمثلا، إذا أعار أهل الزوجة الزوج أثاثا، وكلاهما -الزوج والزوجة- يستخدمانه في آن واحد، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
ما حكم استخدام المعير والمستعير معا للمعار في نفس الوقت؟ وماذا يترتب في حالة تلفه أو سرقته؟
فمثلا، إذا أعار أهل الزوجة الزوج أثاثا، وكلاهما -الزوج والزوجة- يستخدمانه في آن واحد، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تلفت العارية من غير تعد، أو تفريط من المستعير؛ ففي ضمانه لها خلاف بين أهل العلم؛ فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا يضمن، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يضمن.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويجب رد العارية إن كانت باقية بغير خلاف، ويجب ضمانها إذا كانت تالفة، تعدى فيها المستعير أو لم يتعد، روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وإليه ذهب عطاء، والشافعي، وإسحاق.
وقال الحسن، والنخعي، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، وابن شبرمة: هي أمانة، لا يجب ضمانها إلا بالتعدي. انتهى.
وأما إذا اشترك المعير، والمستعير في استعمال العارية؛ فقد اختلف الشافعية والحنابلة في تضمين المستعير في هذه الحال إذا تلفت العارية بغير تعد أو تفريط؛ فذهب أصحاب الشافعية إلى أن عليه نصف الضمان، وهو قول مرجوح عند الحنابلة، وذهب الحنابلة في الصحيح من المذهب إلى أن المستعير لا يضمن في هذه الحال، وهذا الذي نراه راجحا، وهو قول إمام الحرمين والغزالي من الشافعية، وهذه أقوال أهل العلم في المسألة:
قال الغزالي -رحمه الله- في الوسيط في المذهب: ولو أركب المالك مع نفسه رديفا، فتلفت الدابة تحتهما، قال الأصحاب على الرديف نصف الضمان، الأولى أن لا يجب؛ لأن الدابة في الملك ما دام هو راكبا، والرديف ضيف، كالضيف الداخل في الدار. انتهى.
وقال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: ولو أركبه مع نفسه، فعلى الرديف نصف الضمان، ورأى الإمام أنه لا شيء عليه، تشبيها بالضيف. اهـ.
وقال ابن مفلح في الفروع: ولو أركب دابته منقطعا لله، لم يضمن، وفيه وجه، وكذا رديف، وقيل: يضمن نصف القيمة. انتهى.
وقال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: ولو أركب إنسان دابته شخصا منقطعا لله تعالى؛ فتلفت الدابة تحته -أي: المنقطع- ولم ينفرد بحفظها؛ لم يضمن على الصحيح من المذهب.
جزم به في التلخيص، والحاوي الصغير، والرعاية الصغرى، وغيرهم؛ لأن المالك هو الطالب لركوبه تقربا إلى الله تعالى؛ كرديف ربها؛ أي: الدابة؛ بأن أركب معه آخر على الدابة، فتلفت تحتهما؛ لم يضمن الرديف شيئا؛ لأن الدابة بيد مالكها. انتهى.
والذي جرى به العرف في بلد السائل أن أثاث البيت يكون ملكا للزوجة، سواء كانت اشترته بجزء من مهرها، أو وهبه لها أهلها؛ فعلى فرض أن استعمال الزوج للأثاث نوع من الإعارة؛ فالمعير هو الزوجة وليس أهلها؛ فإذا تلف شيء من الأثاث دون تعد من الزوج؛ فلا ضمان عليه. وللمزيد تراجع الفتوى: 120278.
والله أعلم.