رغبة المرأة بالولادة القيصرية.. رؤية شرعية طبية

0 1

السؤال

أنا حامل، وعانيت من مرض التشنج المهبلي لمدة 3 سنوات ونصف، وأرغب بالولادة القيصرية عند طبيبتي التي أتابع عندها الحمل؛ لأنها تعرف وضعي من البداية، ولأني أرتاح لها، ولأني أخاف من الولادة الطبيعية، وأنا مؤمنة عسكريا، وأستطيع أن ألد بالمستشفيات العسكرية دون تكلفة مادية، لكني أرغب بالولادة في مستشفى خاص عند طبيبتي التي أتابع عندها الحمل، مع العلم أني من سأدفع تكاليف الولادة عند طبيبتي من مالي الخاص، ولن أكلف زوجي، ولن أحمله عبئا ماديا، فهل يحق لزوجي أن يجبرني على الولادة في مستشفى لا أريده؟ وهل يأثم زوجي شرعا إذا أجبرني على الولادة في مستشفى لا أريده؟ وهل اختيار طريقة ومكان الولادة من حقي أنا أم من حق زوجي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطاعة الزوجة لزوجها؛ ليست طاعة مطلقة، ولكنها طاعة مقيدة بكونها فيما يتعلق بالنكاح وتوابعه بالمعروف، وراجعي الفتوى: 115078.

ومسألة اختيار من يقوم بتوليد الزوجة أو تمريضها إذا خلت من المخالفات الشرعية؛ خاضعة للمصلحة، فإن كان للزوج غرض صحيح في الاختيار؛ فعلى الزوجة طاعته.

والظاهر لنا -والله أعلم- أن الزوج له غرض صحيح في دخول الزوجة المستشفى لتوفر الإمكانات والكفاءات الطبية، حتى تتم الولادة طبيعية، فإن الولادة القيصرية لها تبعات على صحة الزوجة، وقدرتها على الإنجاب المتكرر.

وليس للزوجة اختيار الولادة القيصرية لمجرد الخوف من الولادة الطبيعية وآلامها، سواء رضي الزوج بها أم لم يرض؛ فالمفتى به عندنا أن إجراء هذه الجراحة لا يجوز، إلا عند خوف الضرر على المرأة أو الجنين، وتقرير ذلك مرده إلى الثقات من الأطباء المختصين.

جاء في أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها: الجراحة القيصرية التي يلجأ إليها الأطباء عند خوفهم من حصول الضرر -على الأم، أو الجنين، أو هما معا- إذا خرج المولود بالطريقة المعتادة؛ وذلك بسبب وجود العوائق الموجبة لتلك الأضرار، ومن أمثلتها: ضيق عظام الحوض، أو تشوهها، أو إصابتها ببعض الآفات المفصلية، بحيث يتعذر تمدد مفاصل الحوض.

أو يكون جدار الرحم ضعيفا، ونحو ذلك من الأمور الموجبة للعدول عن الولادة الطبيعية؛ دفعا للضرر المترتب عليها.

والحكم بالحاجة في هذا النوع من الجراحة، راجع إلى تقدير الأطباء؛ فهم الذين يحكمون بوجودها.

ولا يعد طلب المرأة أو زوجها مبررا لفعل هذا النوع من الجراحة؛ طلبا للتخلص من آلام الولادة الطبيعية، بل ينبغي للطبيب أن يتقيد بشرط وجود الحاجة، وأن ينظر في حال المرأة وقدرتها على تحمل مشقة الولادة الطبيعية، وكذلك ينظر في الآثار المترتبة على ذلك:

فإن اشتملت على أضرار زائدة عن القدر المعتاد في النساء، ووصلت إلى مقام يوجب الحرج والمشقة على المرأة، أو غلب على ظنه أنها تتسبب في حصول ضرر للجنين؛ فإنه حينئذ يجوز له العدول إلى الجراحة وفعلها؛ بشرط ألا يوجد بديل يمكن بواسطته دفع تلك الأضرار وإزالتها. انتهى.

وننوه إلى أهمية المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، وحرص كل منهما على التواد، والتفاهم، والتراحم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات