حكم الزواج ممن أسلم بالاسم فقط

0 331

السؤال

أنا بنت تعرفت علي شاب مسيحي, وطلب الزواج مني وأشترطت أن يسلم ووافق على إعلان إسلامه أمام الجميع ولكن لا يلتزم بالدين الإسلامي, يعني بالاسم فقط, ولكن مبدئيا هذا الكلام حيث إنني اقنعته أن يصوم من رمضان عدة أيام, وإن شاء الله سأقوم بنصحه ودعوته أكثر فأكثر! ولكن هل يجوز أن أتزوج منه علما كما ذكرت أنه لن يلتزم بالدين كصلاة وصوم؟؟ وكما أنني ساحاول معه وأقنعه بشكل تدريجي إلى أن يشاء الله ويهديه!! حيث إن بنت عمتى تزوجت من مسيحي وكان نفس الشيء لا يريد الالتزام والآن هو أصبح من أكبر الدعاة بألمانياهل يجوز الزواج منه ؟؟ وجزاكم الله كل خير !!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مجرد إعلان الإسلام ليس معناه أن الشخص صار بموجبه مؤمنا بل لابد مع النطق بالشهادتين من العمل بمقتضاهما، فحقيقة الإيمان في الاصطلاح الشرعي مركبة من: قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الإسلام ( الشهادتين ). والعمل قسمان: عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح، قال الإمام أحمد بن حنبل: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. وقال الإمام البغوي: اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان... وقالوا: إن الإيمان قول وعمل وعقيدة. انظر شرح السنة للبغوي ( 1/ 38ـ 39). وقال الإمام الشافعي: وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركنا: أن الإيمان: قول، وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر. شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 5/ 886). قال الإمام ابن القيم: الإيمان أصل له شعب متعددة، وكل شعبة تسمى إيمانا، فالصلاة من الإيمان، وكذلك الزكاة، والحج، والصوم، والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل... إلخ. كتاب الصلاة لابن القيم ص 53. فالإيمان كما تبين ليس مجرد قول باللسان مع التمسك بما يناقضه من عدم الانقياد والتسليم لأحكامه تعالى، وقد قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {لنساء:65}. فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، وعدم الأعمال الظاهرة دليل على انتفاء الأعمال الباطنة، يقول الله تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله {لمجادلة: 22}. وقال تعالى: ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء{المائدة: 81}. فالباطن والظاهر كما هو واضح في الآيات متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر. إذا تقرر ذلك فمجرد إعلان الشهادتين مع التولي عن العمل وعدم الانقياد لأحكام الإسلام لا يصير به الإنسان مسلما والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله تعالى: ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين {النور:47}. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فنفى الإيمان عمن تولى عن العمل وإن كان قد أتى بالقول. انظر الفتاوى: 7/ 142. ويقول في موضع آخر: من الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم رمضان ولا يؤدي لله زكاة ولا يحج لله بيته، فهذا ممتنع ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح. ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع من السجود الكفار كقوله تعالى: يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون*خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون {القلم:42ـ 43}. مجموع الفتاوى 7/116. وعليه فلا يجوز لك الزواج من هذا الشاب لأنه لم يدخل في الإسلام ولم يدخل قلبه الإيمان، لقوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن {البقرة: 221}. وقوله: لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن {الممتحنة:10}. وقوله: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا {النساء: 141}. وهذا محل إجماع بين أهل العلم، وأما قولك سأقوم بعد الزواج بنصحه ودعوته، فلست مكلفة بدعوة هذا الرجل وهو أجنبي عنك فابتعدي عنه ولا تربطي معه أي علاقة، ولا ترضي لنفسك زوجا وشريكا لحياتك إلا رجلا مسلما ذا خلق ودين واتركي هذا الرجل فإنه لا خير فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة