لا يتهم المرء بمجرد الشك والاشتباه

0 334

السؤال

أنا أعمل في دولة عربية مع زملاء من بلادي وهم مسلمون وأيضا مع أجانب ليسوا مسلمين ولا أعرف لهم ملة ولي زميل قد اشتبهنا فيه أنه سرق جوالا لأحد الأجانب والذي قال لي هو متأكد فكلمناه ليرجع هذا الشيء لصاحبه أنكر هذا الفعل فماذا علي أن أفعل هل أبلغ المسؤولين وهم كفار أيضا أو أسكت مخافة أن يقولوا ها هم المسلمين سراق أفيدونا أفادكم الله .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مجرد الشك أو غلبة الظن لا يبيحان لأحد أن يتهم غيره بالسرقة، بل لا بد لحصول العلم بذلك من الرؤية أو السماع المباشرين، فإذا كان صديقك قد حصل له من العلم بالرؤية أو السماع المباشرين أن زميلكما المذكور قد سرق جوالا من شخص آخر كافرا كان أو مسلما، فالواجب عليه أن يبادر بالإدلاء بشهادته لمن يمكنه رد الحق إلى صاحبه، وإنما قلنا يبادر بها دون طلب من أحد لئلا يضيع حق وهو يقدر على الإعانة على رده، فيكون بذلك معينا على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة: 2} ولأن صاحب الجوال لا يعلم بشهادته كما هو الظاهر من السؤال.

قال صاحب الهداية وهو حنفي: إذا علم الشاهد الشهادة ولم يعلم بها المدعي ويعلم الشاهد أنه إن لم يشهد يضيع حقه فإنه يجب عليه الشهادة ولا طلب ثمة. اهـ.

ونقل الشيخ عليش في منح الجليل وهو مالكي عن ابن عرفة الدسوقي قوله: ظاهر قولهم أن الأداء يعني أداء الشهادة فرض عين مطلقا. اهـ.

هذا هو الواجب على صاحبك، أما بالنسبة لك أنت فلا يجب عليك ما وجب على الشاهد الأصلي إلا إذا حملك الشهادة ثم أبى الإدلاء بها أو غاب أو سافر أو مات أو نحو ذلك بشرط أن يكون هذا الشخص متصفا بالعدالة المشترطة في الشهود، وهذا بناء على جواز الشهادة على الشهادة في الأموال.

قال ابن عابدين في رد المحتار نقلا عن بعض أهل المذهب: واعلم أنه تقبل شهادة النساء مع الرجال في القتل الخطأ أو القتل الذي لا يوجب القود، وكذلك الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي لأن موجبها المال. اهـ.

وقال ابن فرحون وهو مالكي في تبصرة الحكام: اعلم أن الشهادة على الشهادة لا تسمع إلا بموت الأصل أو مرضه أو غيبته بمكان لا يلزم الأداء منه لأن النقل إنما أبيح مع الضرورة ولا يباح مع غيرها، ولأن النقل مع حضورهم مشعر بريبة، ويقع الشك في صدقهم... الخ اهـ.

ونصيحتنا لكما إذا ثبت لديكما أنه هو السارق أن تتلطفا معه أولا في إعادة الجوال إلى صاحبه وترغباه في ذلك وترهباه من عقاب الله تعالى وسخطه، فإن أبى فعلتما ما ذكرناه آنفا.

هذا إذا ثبتت سرقته بالصورة التي ذكرناها، أما إذا كان ذلك من صديقك مجرد ظن أو تخمين أو عمل بالقرائن غير القطعية فلا يجوز لكما اتهامه بحال، وراجع الفتوى رقم: 20632.

والله أعلم.  

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة