فضيلة ماء زمزم والرد على من شكك في ذلك

0 658

السؤال

هل ترون أن الموضوع في العنوان أدناه يحتاج إلى تعليق شرعي منكم، أم لا يحتاج أي تعليق حسب رأيكم؟http://www.qaradawi.net/arabic/books/fatawa-moasera/haj/q05.htm

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏

فقد ثبتت فضيلة ماء زمزم في أحاديث كثيرة، وتوارث المسلمون تعظيمها من غير إنكار ‏منكر ولا مدافعة دافع، فمن الأحاديث الثابتة في ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم في ‏صحيحيهما من حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم، وغسله بماء زمزم، فتخصيص ماء ‏زمزم دون غيره بغسل صدره الشريف يدل على فضله وبركته.
وفي صحيح مسلم: " إنها مباركة وإنها طعام طعم" فقوله صلى الله عليه وسلم إنها مباركة" ‏يدل دلالة صريحة على بركتها وفضلها على سائر المياه، وغفلة الشيخ القرضاوي عن جملة ‏‏"إنها مباركة" واقتصاره على جملة إنها "طعام طعم" سهو، وجل من لا يسهو.
ومنها قوله ‏صلى الله عليه وسلم "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم: فيه طعام الطعم، وشفاء ‏السقم" قال المنذري في الترغيب والترهيب 2/209، والهيثمي في مجمع الزوائد 3/286 ‏رواه الطبراني في الكبير (11/98 ورواته ثقات، وابن حبان في صحيحه، وحسنه السيوطي ‏في الجامع الصغير ( مع فيض القدير) 3/489.
ورواه البزار بلفظ "زمزم طعام طعم، وشفاء سقم" وسنده صحيح ‏كما في الترغيب والترهيب. ‏
ومنها حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا: " ماء زمزم لما شرب له" رواه أحمد وابن ماجه ‏والبيهقي، وحسنه ابن القيم في زاد المعاد 4/393 والحافظ الدمياطي في المتجر الرابح ‏‏318، وجود إسناده الزركشي في التذكرة ص151، وقال ناصر الدين الدمشقي: حديث ‏محكم ثابت. وقال الحافظ ابن حجر في جزئه عن ماء زمزم صـ 190 : فمرتبة هذا الحديث ‏عند الحفاظ باجتماع هذه الطرق يصلح للاحتجاج به. وقال أيضا في تخريج الأذكار: ‏الصواب أنه حسن لشواهده. كما نقله السيوطي في الحاوي 1/353.
وقال السخاوي ‏في المقاصد الحسنة ص359 بعد نقل كلام شيخه ابن حجر قال: وصححه من المتقدمين ‏ابن عيينة، ومن المتأخرين الدمياطي والمنذري. أهـ، وكذلك صححه السيوطي في ‏حاشيته على سنن ابن ماجه، وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج 4/143 الحديث ‏حسن بل صحيح، كما قاله أئمة، وقال في حاشيته على مناسك النووي صـ"404: ‏والذي استقر عليه أمر محققي المحدثين أنه حسن أو صحيح، وهذا التحقيق منقول من ‏كتاب فضل زمزم صـ92
أما قول الشيخ عن الحديث نقلا عن علماء الحديث: إن عبد ‏الله بن المؤمل تفرد به، فقد استدرك على نفسه بقوله: قد رواه البيهقي من طريق آخر عن ‏جابر رضي الله عنه، فلم ينفرد به عبد الله بن المؤمل، بل روي من طريق آخر عن جابر.‏
قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير " حديث ماء زمزم لما شرب له" رواه أحمد وابن أبي ‏شيبة وابن ماجه والبيهقي من رواية أبي الزبير عن جابر. قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن ‏المؤمل، قلت لا، بل توبع، وعبد الله هذا سيء الحفظ ضعفوه، وقال أبو محمد المنذري: هو ‏حديث حسن. وأعله ابن القطان بتدليس أبي الزبير عن جابر. قلت: قد صرح بالتحديث ‏في رواية ابن ماجه، وذكره الحافظ شرف الدين الدمياطي من حديث جابر وليس فيه ‏عبد الله هذا، وقال: إنه على رسم الصحيح. ورواه الحاكم والدارقطني من رواية ابن ‏عباس وقال: صحيح الإسناد إن سلم من رواية الجارودي، قلت: سلم منه فإنه صدوق، ‏لكن الراوي عنه مجهول، وروى ابن الجوزي في كتابه الأذكياء أن سفيان بن عيينة سئل ‏عن حديث "ماء زمزم لما شرب له" فقال: حديث صحيح. انتهى كلام ابن الملقن.‏
وهو كما ترى يدفع كلام الشيخ القرضاوي، ويبين مأخذ وحجة من صحح الحديث، ‏وهم من ذكرنا من الأئمة، ولا ننكر أن من الأئمة من ضعفه، لكننا ذكرنا من صححه ‏حتى لا يظن من قرأ كلام الشيخ أن تضعيف الحديث قول واحد.‏
وبما ذكرنا من أحاديث تبين فضل ماء زمزم وبركتها، يندفع كلام الشيخ القرضاوي: " ‏ولعل هذا هو الحديث الفذ -يعني حديث "ماء زمزم طعام طعم، وشفاء سقم" - يمكن أن ‏يستند إليه في زمزم ومائها، وأنها طعام وشفاء"
بل نقول: إن الأحاديث الواردة في فضلها ‏كثيرة وقد ذكرنا بعضها آنفا.‏
أما قول الشيخ عن حديث ابن عباس" ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي شفاك ‏الله، وإن شربته لشبع أشبعك الله ، وإن شربته لقطع ظمأ قطعه الله"…قوله: الصحيح أن ‏هذا الحديث من قول ابن عباس نفسه وليس مرفوعا، وعزا هذا إلى الحافظ في التخليص، ‏ثم قال: " وإذا كان هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما فهو مجرد رأي شخصي رآه، لا ‏يلزمنا اتباعه ولا الإيمان به معه"
فنقول: أما الجملة الأولى من حديث ابن عباس فقد ‏صحت مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر بيان ذلك، وأما الزيادة فهي من قول ابن عباس ولا يمكن أن يقال فيه إنه رأي ‏شخصي، ذلك أنه مما لا مجال للرأي فيه، فإن فيه إخبارا عن فضيلة ماء زمزم وبركته، وأنه ‏مما يستشفى به، وهذا مما لا يدرك بالعقل، فكيف يقال: إن ذلك رأي شخصي لابن ‏عباس رضي الله عنهما!!
أما قوله (إن شرب ماء زمزم ليس من مناسك الحج وسننه) ‏فقول غريب جدا إذ المنصوص عليه في المذاهب الأربعة أنه سنة من سنن الحج والعمرة، ‏وإليك بعض نصوصهم التي تدل على ذلك:‏
‏1- مذهب الأحناف : جاء في المبسوط للسرخسي: وقد قال شيخنا الإمام رحمه الله تعالى: ‏يستحب له - أي للحاج - أن يأتي الباب -يعني باب الكعبة- ويقبل العتبة، ويأتي الملتزم ‏فيلتزمه ساعة يبكي …ثم يأتي زمزم فيشرب من مائه، ثم يصب منه على بدنه…. ثم ‏قال…فهذا بيان تمام الحج" انتهى محل الغرض منه.‏
‏2-مذهب المالكية: جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: يستحب لمن حج أن ‏يستكثر من ماء زمزم تبركا ببركته" انتهى محل الغرض منه.‏
‏3- مذهب الشافعية: قال الرافعي: "ويستحب الشرب من ماء زمزم" قال الحافظ في ‏تلخيص الحبير : يعني للأثر فيه، وقع في آخر حديث جابر الطويل عند مسلم "ثم شرب ‏من ماء زمزم بعد فراغه".‏
ولا يخفى أن حديث جابر -المشار إليه- هو في صفة حجه صلى الله عليه وسلم.‏
‏4- مذهب الحنابلة: قال المرداوي في الإنصاف " ثم يأتي زمزم فيشرب منها لما أحب ‏ويتضلع منه، بلا نزاع في الجملة" .
فهذه بعض نصوص فقهاء المذاهب ، وبها يتبين ‏ما في عبارة الشيخ القرضاوي من الإجمال والتجوز.
وأما من تجرأ وقال: ( وليعلم كل حاج أن التحاليل التي عملت على هذه المياه أثبتت أنها ‏ملوثة تلوثا شديدا كيميائيا وبكتريولوجيا، مما يجعلها غير مأمونة صحيا) فهذا قول باطل ‏يكذبه العلم والواقع المشاهد، فإن الأبحاث العلمية تثبت سلامتها ونقاءها، كما أن واقع ‏المسلمين يحكي عشرات القصص الصحيحة لمن كان شفاؤهم بتناول هذا الماء المبارك.‏
وكذلك قوله ( وأغلب الظن عندي أن مياه مجاري منازل مكة تتسرب عبر مسام طبقات ‏الأرض إلى البئر….إلخ كلامه) فهذا من الظن المنهي عن اتباعه، لأنه يشكك المسلم في ما ‏ثبت فضله وبركته، بل هذا كلام من لم يقدر هذه (الآية ) حق قدرها.‏
نعم.. زمزم آية من آيات الله تعالى، في بركتها وخيرها ونفعها، وفي بقائها ودوامها ‏وحفظ الله تعالى لها، وفي تدفقها وانتفاع الملايين بها في مكة وما جاورها، وانتفاع عامة ‏الحجاج والمعتمرين الذين لا يحصيهم إلا الله تعالى.‏
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا ‏اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله مشتبها علينا فنضل.‏
والله أعلم.‏



مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة