الخوف على الوظيفة لا يبرر القضاء بغير شرع الله

0 3354

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمعرض علي قاض سؤالا لأطرحه عليكم هو : قانون البلد العربي العامل به يمنع تعدد الزوجات فهل يجوز له منع ذلك قضاء بحكم القانون المفروض عليه تطبيقه ، علاوة على أن هناك حالات يقضي فيها القانون بوجوب فسخ عقد الزواج الثاني باعتباره فاسدا بحكم القانون وهو ليس كذلك مطلقا بحكم الشريعة؟ علما بأن مخالفته للقانون تترتب عليها جزاءات قد تصل إلى العزل من منصبه.والسلام عليكم ورحمة الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد أمر الله تعالى بتحكيم كتابه، والإعراض عما خالفه من الأهواء فقال: (وأن احكم ‏بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواء هم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله ‏إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس ‏لفاسقون) [المائدة:49] ‏
وقال: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن ‏للخائنين خصيما) [النساء:105]‏
وقال: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في ‏أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء:65] ‏
وقال تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ‏‏[المائدة:50] ومن علم حكم الله في مسألة لم يجز له الخروج عن هذا الحكم، ولا ‏اتباع غيره في خاصة نفسه، فضلا عن أن يفتي به أو يقضي بموجبه بين الناس.
قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم ‏الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) [الأحزاب:36] ‏
وإذا كان الله تعالى قد أباح للرجل أن يتزوج بأربع نسوة، لم يجز لأحد كائنا من كان ‏أن يحدث خلاف ذلك، ولا أن يقضي بما خالف ذلك، والحكم بفسخ عقد الزواج ‏الثاني واعتباره فاسدا إبطال للشريعة، وتحريم لما أحل الله تعالى، وهذا كفر لا يسوغ ‏لأحد أن يأتيه. وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كما في مجموع الفتاوى 35/272 ( ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة ‏رسوله، واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا يستحق ‏العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ( كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج ‏منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه ‏أولياء قليلا ما تذكرون) [لأعراف:2،3] ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ‏ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه، واتبع حكم غيره كان مستحقا ‏لعذاب الله، بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله، فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، ‏قال الله تعالى: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون*ولقد فتنا الذين ‏من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت:2،3] وقال تعالى: ‏‏(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) [محمد:31] وقال ‏تعالى: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم ‏البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن ‏نصر الله قريب) [البقرة:214]) انتهى كلام شيخ الإسلام.‏
فعلى القاضي والعالم والمفتي وغيرهم أن يقولوا الحق ويبينوه، وإن أدى ذلك إلى عزلهم ‏من مناصبهم أو التضييق عليهم.‏
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.‏
والله أعلم. ‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة