استثمار المال في البنك لعدم الخبرة بالتجارة

0 193

السؤال

كنت موظفا في إحدى شركات القطاع العام المصري التى تم خصخصتها وبيعها وتسريح العاملين بها وقد أخذت مبلغا تعويضيا وهذا المبلغ هو كل ما أملك وليس لي عمل آخر وليس لي أي دراية بالتجارة ولا أعرف أي طريق لاستثمار هذا المبلغ إلا وضعه في البنك حيث قام أحد البنوك الحكومية بعمل ما يسمى بنظام المعاش المبكر حيث نضع عنده ما لدينا من أموال فى مقابل راتب شهرى ثابت يتم حسابه على أساس فائده 11% فهل هذا جائز؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فليس البنك بطريق للاستثمار الذي أحله الله، إلا إذا كان بنكا يسير معاملاته وفق أحكام شرع الله.
وما يعرف بنظام المعاش المبكر الذي تقوم به بعض البنوك هو: عين الربا المحرم، ولا يجوز الانتفاع بما يخرج منه من فوائد.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) [البقرة:278].
قال الجصاص في أحكام القرآن (1/465): (الربا الذي كانت العرب تعرفه، وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيارة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به) وقال أيضا: (معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلا من الأجل، فأبطله الله تعالى وحرمه).
ووضع المال في البنك مقابل راتب شهري هو في الحقيقة قرض منك للبنك، لأنك إذا شئت أخذت رأس المال وافيا دون أن ينقص منه شيء.
قال الفخر الرازي في تفسيره (4/92): (ربا النسيئة هو الأمر الذي كان مشهورا متعارفا في الجاهلية، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا، ويكون رأس المال باقيا، ثم إذا حل الدين طالبوا المدين برأس المال).
وقد يظن ظان أن البنك يستثمر الأموال المودعة لديه، وهذا غير صحيح لأن البنك لا يريد أن يدخل في مغامرة، ولذلك يلجأ إلى الإقراض، وعلى فرض أنه يستثمر فإن تحديد نسبة الأرباح على نحو معلوم سلفا - من رأس المال - غير جائز شرعا، ومبطل لعقد المضاربة، لأنه في حالة إذا ما استثمر المال - وهذا نادر جدا - قد يربح كثيرا، ويعطي نسبة ضئيلة لصاحب المال، وقد لا يربح، بل قد يخسر.
ولا شك - أبدا - أن الأسلم لدين المرء أن يلجأ إلى طرق الاستثمار المعروفة التي أباحها الشرع، وإن كنت عاجزا عن الاستثمار بنفسك لعدم معرفتك بأساليب التجارة، فلك أن تضع المال عند من تثق به ليضارب لك به، وإن لم تجد إلى ذلك سبيلا، فلك إيداعه في بنك إسلامي يسير معاملته وفق أحكام شرع الله. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات