صفحة جزء
4837 ( 59 ) ما قالوا في عدل الوالي وقسمه قليلا كان أو كثيرا

( 1 ) حدثنا محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة عن أبيه قال : كان أبي صديقا لقنبر ، قال : انطلقت مع قنبر إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين ، قم معي ، قد خبأت لك خبيئة ، فانطلق معه إلى بيته ، فإذا أنا بسلة مملوءة جامات من ذهب وفضة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك لا تترك شيئا إلا قسمته أو أنفقته ، فسل سيفه فقال : ويلك ، لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا كبيرة ثم استعرضها بسيفه فضربها فانتثرت بين إناء مقطوع نصفه وثلثه ، قال : علي بالعرفاء فجاءوا فقال : اقسموا هذه بالحصص ، قال ففعلوا وهو يقول : يا صفراء يا بيضاء غري غيري ، قال : وجعل يقول :

هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه

قال : في بيت المال مسال وإبر ، وكان يأخذ من كل قوم خراجهم من عمل أيديهم ، قال : وقال للعرفاء : اقسموا هذا ، قالوا : لا حاجة لنا فيه ، قال : والذي نفسي بيده ، لأقسمنه خيره مع شره [ ص: 622 ]

( 2 ) حدثنا أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي قال : حدثتني أمي عن أم عفان أم ولد لعلي قالت : جئت عليا وبين يديه قرنفل مكبوب في الرحبة ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، هب لابنتي من هذا القرنفل قلادة ، فقال : هكذا ، ونقر بيده ارمي درهما ، فإنما هذا مال المسلمين ، وإلا فاصبري حتى يأتي حظنا منه لنهب لابنتك قلادة .

( 3 ) حدثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي صالح الذي كان يخدم أم كلثوم بنت علي ، قال : قالت : يا أبا صالح ، كيف لو رأيت أمير المؤمنين وأتي بأترج ، فذهب حسن وحسين يتناول منه أترجة ، فانتزعها من يده ، وأمر به فقسمها بين الناس .

( 4 ) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد القمي عن مالك بن دينار عن الحسن أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم زمام شعر من الفيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يسألني زماما من النار ، ما كان ينبغي لك أن تسألنيه وما ينبغي لي أن أعطيكه .

( 5 ) حدثنا وكيع قال ثنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر عن قيس بن أبي حازم الأحمسي قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل بكبة من شعر من الغنيمة فقال : يا رسول الله ، هبها لي فأنا أهل بيت يعالج الشعر ، قال نصيبي منها لك .

( 6 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن العباس بن فضيل عن عبيد الله بن أبي رافع عن جده أبي رافع قال : كنت خازنا لعلي ، قال : زينت ابنته بلؤلؤة من المال قد عرفها ، فرآها عليها ، فقال : من أين لها هذه ، إن لله علي أن أقطع يدها ، قال : فلما رأيت ذلك قلت : يا أمير المؤمنين ، زينت بها بنت أخي ، ومن أين كانت تقدر عليها ؟ فلما رأى ذلك سكت .

( 7 ) حدثنا وكيع قال ثنا عبد الرحمن بن عجلان البرجمي عن جدته قالت : كان علي يقسم فينا الأنوار بصرر : صرة الكمون والحرث وكذا وكذا .

( 8 ) حدثنا وكيع قال ثنا ربيع بن حسان عن أمه قالت : كان علي يقسم فينا الورس والزعفران ، قال : فدخل علي الحجرة مرة فرأى حبا منثورا ، فجعل يلتقط ويقول : شبعتم يا آل علي [ ص: 623 ]

( 9 ) حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن سعيد بن عبيد عن شيخ لهم أن عليا أتي برمان فقسمه بين الناس ، فأصاب مسجدنا سبع رمانات أو ثمان رمانات .

( 10 ) حدثنا وكيع قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه قال : أتي علي بدنان طلاء من غابات فقسمها بين المسلمين .

( 11 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : لما رزأ علي من بيت مالنا حتى فارقنا إلا جبة محشوة وخميصة دار بجردية .

( 12 ) حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت : لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال : انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي ، فإني قد كنت أستحله وقد كنت أصيب من الودك نحوا مما كنت أصيب في التجارة ، قالت : فلما مات نظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل الصبيان ، وإذا ناضح كان يسني عليه ، فبعثنا بهما إلى عمر ، قالت : فأخبرني جدي تعني : وكيلي أن عمر بكى وقال : رحمة الله على أبي بكر ، لقد أتعب من بعده تعبا شديدا .

( 13 ) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين عن الأحنف بن قيس قال : كنا جلوسا بباب عمر فخرجت جارية فقلنا : سرية عمر فقالت : إنها ليست سرية لعمر ، إني لا أحل لعمر ، إني من مال الله فتذاكرنا بيننا ما يحل له من مال الله ، قال : فرقى ذلك إليه ، فأرسل إلينا فقال : ما كنتم تذاكرون فقلنا : خرجت علينا جارية ، فقلنا : هذه سرية عمر ، فقالت : إنها لست بسرية عمر ، إنها لا تحل لعمر ، إنها من مال الله ، فتذاكرنا ما بيننا ما يحل لك من مال الله فقال : أنا أخبركم بما أستحل من مال الله : حلة الشتاء والقيظ ، وما أحج عليه وما أعتمر من الظهر ، وقوت أهلي كرجل من قريش ، ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ، أنا رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم .

( 14 ) حدثنا وكيع قال ثنا المسعودي عن محارب بن دثار عن الأحنف بن قيس أنهم كانوا جلوسا بباب عمر ، فخرجت عليهم جارية فقال لها بعض القوم : أنطول أمير [ ص: 624 ] المؤمنين ، قالت : إني لا أحل له ، يعني أنها من الخمس ، فخرج عمر فقال : أتدرون ما أستحل من هذا الفيء ؟ ظهرا أحج عليه وأعتمر ، وحلتين : حلة الشتاء والصيف ، وقوت آل عمر قوت أهل بيت رجل من قريش ليسوا بأرفعهم ولا بأخسهم .

( 15 ) حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي قال : قال عمر : إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم ، إن استغنيت منه استعففت ، وإن افتقرت أكلت بالمعروف .

( 16 ) حدثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا أبان بن عبد الله البجلي قال حدثني عمرو بن أخي علي عن علي قال : قال علي : مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل من إبل الصدقة فأخذ وبرة من ظهر بعير ، فقال : ما يحل لي من غنائمكم ما يزن هذه إلا الخمس وهو مردود عليكم .

( 17 ) حدثنا عبد الله بن نمير عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح قال : اشترى ابن عمر بعيرين فألقاهما في إبل الصدقة فسمنا وعظما ، وحسنت هيئتهما قال : فرآهما عمر فأنكر هيئتهما فقال : لمن هذان ؟ قالوا : لعبد الله بن عمر فقال : بعهما وخذ رأس مالك ، ورد الفضل في بيت المال .

( 18 ) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان قال : لما قدم عتبة أذربيجان بالخبيص فذاقه فوجده حلوا ، فقال : لو صنعتم لأمير المؤمنين من هذا ، قال : فجعل له سفطين عظيمين ، ثم حملهما على بعير مع رجلين فبعث بهما إليه ، فلما قدما على عمر قال : أي شيء هذا ؟ قال : هذا خبيص ، فذاقه فإذا هو حلو ، فقال : أكل المسلمين يشبع من هذا في رحله ؟ قالوا : لا ، قال : فردهما ، ثم كتب إليه : أما بعد ، فإنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا من كد أمك أشبع المسلمين مما تشبع منه في رحلك [ ص: 625 ]

( 19 ) حدثنا وكيع قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : حدثني عتبة بن فرقد السلمي قال : قدمت على عمر بن الخطاب بسلال خبيص عظام مملوءة ، لم أر أحسن منه ، فقال ما هذه ؟ فقلت : طعام أتيتك به ، إنك تقضي من حاجات الناس أول النهار ، فإذا رجعت أصبت منه ، قال : اكشف عن سلة منها ، قال : فكشفت ، قال : عزمت عليك إذا رجعت ألا رزقت كل رجل من المسلمين منها سلة قال : قلت : والذي يصلحك يا أمير المؤمنين ، لو أنفقت مال قيس كله ما بلغ ذلك ، قال : فلا حاجة لي فيه ، ثم دعا بقصعة فيها ثريد من خبز خشن ولحم غليظ وهو يأكل معي أكلا شهيا ، فجعلت أهوي إلى البضعة البيضاء أحسبها سناما فألوكها فإذا هي عصبة ، وآخذ البضعة من اللحم فأمضغها فلا أكاد أسيغها ، فإذا غفل عني جعلتها بين الخوان والقصعة ، ثم قال : يا عتبة ، إنا ننحر كل يوم جزورا ، فأما ودكها وأطائبها فلمن حضر من آفاق المسلمين ، وأما عنقها فلآل عمر .

( 20 ) حدثنا حسن بن علي عن زائدة عن سليمان عن زيد بن وهب عن حذيفة قال : مررت والناس يأكلون ثريدا ولحما ، فدعاني عمر إلى طعامه ، فإذا هو يأكل خبزا وزيتا فقلت : منعتني أن آكل مع الناس الثريد ، ودعوتني إلى هذا ؟ قال : إنما دعوتك لطعامي ، وذاك للمسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية