صفحة جزء
4962 ( 5 ) في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند

( 1 ) حدثنا معاوية بن عمرو قال حدثنا زائدة قال ثنا عاصم بن كليب الجرمي قال : حدثني أبي أنه أبطأ على عمر خبر نهاوند وابن مقرن وأنه كان يستنصر ، وأن الناس كانوا يرون من استنصاره أنه لم يكن له ذكر نهاوند وابن مقرن ، قال فقدم عليهم أعرابي ، [ ص: 21 ] فقال : ما بلغكم عن نهاوند وابن مقرن ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : لا شيء ، قال ، فنمى إلى عمر ، قال : فأرسل إليه فقال : ما ذكرك نهاوند وابن مقرن ، فإن جئت بخبر فأخبرنا ، قال : يا أمير المؤمنين ، أنا فلان بن فلان العلاني ، خرجت بأهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله حتى نزلنا موضع كذا وكذا ، فلما ارتحلنا إذا رجل على جمل أحمر لم أر مثله ، فقلنا : من أين أقبلت ؟ قال : من العراق ، قلنا : فما خبر الناس ، قال : التقوا فهزم الله العدو وقتل ابن مقرن ، ولا أدري والله ما نهاوند ولا ابن مقرن ، أتدري أي يوم ذاك من الجمعة ؟ قال : لا والله ما أدري ، قال : لكني أدري ، فعد منازله ، قال ارتحلنا يوم كذا وكذا فنزلنا موضع كذا وكذا فعد منازله ، قال : ذاك يوم كذا وكذا من الجمعة ، ولعلك أن تكون لقيت بريدا من برد الجن ، فإن لهم بردا ، قال : فمضى ما شاء الله ثم جاء الخبر بأنهم التقوا في ذلك اليوم .

( 2 ) حدثنا حسين عن زائدة عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : أبطأ على عمر خبر نهاوند وخبر النعمان فجعل يستنصر .

( 3 ) حدثنا أبو أسامة قال ثنا إسماعيل عن قيس بن أبي حازم عن مدرك بن عوف الأحمسي قال : بينا أنا عند عمر إذ آتاه رسول النعمان بن مقرن ، فسأله عمر عن الناس ، قال فذكروا عند عمر من أصيب يوم نهاوند ، فقالوا : قتل فلان وفلان وآخرون لا نعرفهم ، فقال عمر : لكن الله يعرفهم ، قالوا : ورجل اشترى نفسه يعنون عوف بن أبي حية أبا شبيل الأحمسي ، قال مدرك بن عوف ، ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين يزعم الناس أنه ألقى بيديه إلى التهلكة فقال عمر : كذب أولئك ، ولكنه من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا ، قال إسماعيل : وكان أصيب وهو صائم فاحتمل وبه رمق فأبى أن يشرب حتى مات .

( 4 ) حدثنا أبو أسامة قال ثنا شعبة عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال : أتيت عمر بنعي النعمان بن مقرن فوضع يده على رأسه وجعل يبكي .

( 5 ) حدثنا غندر عن شعبة عن إياس بن معاوية قال : جلست إلى سعيد بن المسيب ، قال : إني لأذكر عمر بن الخطاب حين نعى النعمان بن مقرن [ ص: 22 ]

( 6 ) حدثنا أبو أسامة قال : ثنا مهدي بن ميمون قال ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن سلام قال : لما كان حين فتحت نهاوند أصاب المسلمون سبايا من سبايا اليهود ، قال : وأقبل رأس الجالوت يفادي سبايا اليهود ، قال : وأصاب رجل من المسلمين جارية يسرة صبيحة ، قال : فأتاني فقال : لك أن تمشي معي إلى هذا الإنسان عسى أن يثمن لي بهذه الجارية ، قال : فانطلقت معه فدخل على شيخ مستكبر له ترجمان فقال لترجمانه : سل هذه الجارية ، هل وقع عليها هذا العربي ؟ قال : ورأيته غار حين رأى حسنها ، قال : فراطنها بلسانه ففهمت الذي قال : فقلت له : أبحت بما في كتابك بسؤالك هذه الجارية على ما وراء ثيابها ، فقال لي : كذبت ما يدريك ما في كتابي ، قلت : أنا أعلم بكتابك منك ، قال : أنت أعلم بكتابي مني ؟ قلت : أنا أعلم بكتابك منك ، قال : من هذا ؟ قالوا : عبد الله بن سلام ، قال : فانصرفت ذلك اليوم ، قال : فبعث إلي رسولا يعزمه ليأتيني ، قال : وبعث إلي بدابة قال : فانطلقت إليه لعمر الله احتسابا رجاء أن يسلم ، فحبسني عنده ثلاثة أيام أقرأ عليه التوراة ويبكي ، قال : وقلت له : إنه والله لهو النبي الذي تجدونه في كتابكم ، قال : فقال لي : كيف أصنع باليهود ؟ قال : قلت له : إن اليهود لن يغنوا عنك من الله شيئا ؟ قال : فغلب عليه الشقاء وأبى أن يسلم .

( 7 ) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا أبو عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل بن يسار أن عمر بن الخطاب شاور الهرمزان في فارس وأصبهان وآذربيجان فقال ، أصبهان الرأس وفارس وآذربيجان الجناحان ، فإن قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح الآخر ، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان ، فابدأ بالرأس ، فدخل المسجد فإذا هو بالنعمان بن مقرن يصلي ، فقعد إلى جنبه ، فلما قضى صلاته قال : ما أراني إلا مستعملك ، قال ، أما جابيا فلا ، ولكن غازيا ، قال : فإنك غاز ، فوجهه وكتب إلى أهل الكوفة أن يمدوه ، قال : ومعه الزبير بن العوام وعمرو بن معدي كرب وحذيفة وابن عمر والأشعث بن قيس ، قال : فأرسل النعمان المغيرة بن شعبة إلى ملكهم وهو يقال له ذو الجناحين ، فقطع إليهم نهرهم فقيل لذي الجناحين : إن رسول العرب هاهنا ، فشاور أصحابه فقال : ما ترون ؟ أقعد له في بهجة الملك وهيئة الملك أو في هيئة الحرب ، قالوا : لا بل اقعد له في بهجة الملك ، فقعد على سريره ووضع التاج على رأسه ، وقعد أبناء الملوك سماطين ، عليهم القرطة وأساور الذهب والديباج ، قال : فأذن للمغيرة [ ص: 23 ] فأخذ بضبعه رجلان ومعه رمحه وسيفه ، قال : فجعل يطعن برمحه في بسطهم يخرقها ليتطيروا حتى قام بين يديه ، قال : فجعل يكلمه والترجمان يترجم بينهما : إنكم معشر العرب أصابكم جوع وجهد فجئتم ، فإن شئتم مرناكم ورجعتم ، قال : فتكلم المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنا معشر العرب كنا أذلة يطئونا ولا نطأهم ، ونأكل الكلاب والجيفة وأن الله ابتعث منا نبيا في شرف منا ، أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا ، قال : فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بما بعثه به ، فأخبرنا بأشياء وجدناها كما قال ، وأنه وعدنا فيما وعدنا أنا سنملك ما هاهنا ونغلب ، وأني أرى هاهنا بزة وهيئة ما من خلفي بتاركها حتى يصيبها ، قال : فقالت لي نفسي : لو جمعت جراميزك فوثبت فقعدت مع العلج على سريره حتى يتطير ، قال : فوثبت وثبة ، فإذا أنا معه على سريره ، فجعلوا يطئوني بأرجلهم ويجروني بأيديهم فقلت : إنا لا نفعل هذا برسلكم ، فإن كنت عجزت أو استحمقت فلا تؤاخذوني ، فإن الرسل لا يفعل بهم هذا ، فقال الملك : إن شئت قطعنا إليكم وإن شئتم قطعتم إلينا ، فقلت : لا بل نحن نقطع إليكم ، قال : فقطعنا إليهم فسلسلوا كل خمسة وسبعة وستة وعشرة في سلسلة حتى لا يفروا ، فعبرنا إليهم فصاففناهم فرشقونا حتى أسرعوا فينا ، فقال المغيرة للنعمان : إنه قد أسرع في الناس قد خرجوا قد أسرع فيهم ، فلو حملت ؟ قال النعمان : إنك لذو مناقب وقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس وتهب الرياح وتنزل النصر ؛ ثم قال : إني هاز لوائي ثلاث هزات ، فأما أول هزة فليقض الرجل حاجته وليتوضأ ، وأما الثانية فلينظر الرجل إلى شسعه ورم من سلاحه ، فإذا هززت الثالثة فاحملوا ، ولا يلوين أحد على أحد ، وإن قتل النعمان فلا يلوين عليه أحد ، وإني داعي الله بدعوة فأقسمت على كل امرئ مسلم لما أمن عليها ، فقال : اللهم ارزق النعمان اليوم الشهادة في نصر وفتح عليهم ، قال : فأمن القوم وهز لواءه ثلاث هزات ثم قال : سل درعه ثم حمل وحمل الناس ، قال : وكان أول صريع ، قال : فأتيت عليه فذكرت عزمته فلم ألو عليه وأعلمت علما حتى [ ص: 24 ] أعرف مكانه ، قال : فجعلنا إذا قتلنا الرجل شغل عنا أصحابه قال : ووقع ذو الجناحين عن بغلة له شهباء فانشق بطنه ، ففتح الله على المسلمين ، فأتيت مكان النعمان وبه رمق ، فأتيته بإداوة فغسلت عن وجهه فقال : من هذا ؟ فقلت : معقل بن يسار ، قال : ما فعل الناس ؟ قلت : فتح الله عليهم ، قال : لله الحمد ، اكتبوا ذلك إلى عمر ، وفاضت نفسه ، واجتمع الناس إلى الأشعث بن قيس ، قال : فأرسلوا إلى أم ولده : هل عهد إليك النعمان عهدا ؛ أم عندك كتاب ؟ قالت : سفط فيه كتاب ، فاخرجوه فإذا فيه : إن قتل النعمان ففلان ، وإن قتل فلان ففلان ، قال حماد قال علي بن زيد : فحدثنا أبو عثمان قال : ذهبت بالبشارة إلى عمر فقال : ما فعل النعمان ؟ قلت : قتل ، قال : ما فعل فلان ؟ قلت : قتل ، قال : ما فعل فلان ؟ قلت : قتل ، فاسترجع ، قلت : وآخرون لا نعلمهم ، قال : لا نعلمهم لكن الله يعلمهم .

( 8 ) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن محمد قال : لما حمل النعمان قال : والله ما وطئنا كتفيه حتى ضرب في القوم .

( 9 ) حدثنا شاذان قال : ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله عن معقل بن يسار قال : شاور عمر الهرمزان ثم ذكر نحوا من حديث عفان إلا أنه قال : فأتاهم النعمان بنهاوند وبينهم وبينه نهر فسرح المغيرة بن شعبة فعبر إليهم النهر ، وملكهم يومئذ ذو الجناحين .

( 10 ) حدثنا إسحاق بن منصور قال : ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن عبد خير عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن سلام : وقع له في سهمه عجوز يهودية ، فمر برأس الجالوت فقال : يا رأس الجالوت ، تشتري مني هذه الجارية ، فكلمها فإذا هي على دينه ، قال : بكم ؟ قال : بأربعة آلاف ، قال : لا حاجة لي فيها ، فحلف عبد الله بن سلام : لا ينقصه ، فسار عبد الله بن سلام بشيء فقرأ هذه الآية وإن يأتوكم أسارى تفادوهم الآية فقال عبد الله بن سلام : أنت ، قال ، نعم ، قال " لتشترينها أو لتخرجن من دينك ، قال : قد أخذتها ، قال : فهب لي ما شئت قال : فأخذ منه ألفين ورد عليه ألفين .

( 11 ) حدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال حدثني داود بن عبد الله الأودي عن [ ص: 25 ] حميد بن عبد الرحمن الحميري أن رجلا كان يقال له حممة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى أصبهان غازيا في خلافة عمر ، فقال : اللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك ، فإن كان حممة صادقا فاعزم له بصدقه ، وإن كان كاذبا فاعزم له عليه وإن كره ، اللهم لا ترد حممة من سفره هذا ، قال ، فأخذه الموت ، فمات بأصبهان ، قال : فقام أبو موسى فقال : يا أيها الناس ، إلا إنا والله ما سمعنا فيما سمعنا من نبيكم صلى الله عليه وسلم وما بلغ علمنا إلا أن حممة شهيد .

( 12 ) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : حاصرنا مدينة نهاوند فأعطيت معضدا ثوبا لي فاعتجر به ، فأصاب حجر في رأسه فجعل يمسحه وينظر إلي ويقول : إنها لصغيرة وإن الله ليبارك في الصغيرة .

( 13 ) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الصلت وأبي مدافع قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب ونحن مع النعمان بن مقرن : إذا لقيتم العدو فلا تفروا ، وإذا غنمتم فلا تغلوا ، فلما لقينا العدو قال النعمان للناس : لا تواقعوهم ، وذلك يوم الجمعة ، حتى يصعد أمير المؤمنين المنبر يستنصر ، قال : ثم واقعناهم فانقض النعمان وقال : سجوني ثوبا وأقبلوا على عدوكم ولا أهولنكم ، قال : ففتح الله علينا ، قال : وأتى عمر الخبر أنه أصيب النعمان وفلان وفلان ، ورجال لا نعرفهم يا أمير المؤمنين ، قال : لكن الله يعرفهم .

( 14 ) حدثنا غندر عن شعبة قال سمعت أبا إسحاق يقول : سمعت أبا مالك وأبا مسافع من مزينة يحدثان أن كتاب عمر أتاهم مع النعمان بن مقرن بنهاوند : أما بعد فصلوا الصلاة لوقتها ، وإذا لقيتم العدو فلا تفروا ، وإذا ظفرتم فلا تغلوا .

( 15 ) حدثنا عبد الملك بن عمير قال : كتب عمر إلى النعمان بن مقرن : استبشر واستعن في حربك بطليحة وعمرو بن معدي كرب ولا توليهما من الأمر شيئا فإن كل صانع هو أعلم بصناعته [ ص: 26 ]

( 16 ) حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن أنس قال : كان النعمان بن مقرن على جند أهل الكوفة ، وأبو موسى الأشعري على جند أهل البصرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية