صفحة جزء
4965 [ ص: 28 ] ما ذكر في تستر

( 1 ) حدثنا قراد أبو نوح قال حدثنا عثمان بن معاوية القرشي عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : لما نزل أبو موسى بالناس على الهرمزان ومن معه بتستر ، قال : أقاموا سنة أو نحوها لا يخلصون إليه ، قال : وقد كان الهرمزان قتل رجلا من دهاقنتهم وعظمائهم ، فانطلق أخوه حتى أتى أبا موسى فقال : ما يجعل لي إن دللتك على المدخل ، قال : سلني ما شئت ، قال : أسألك أن تحقن دمي ودماء أهل بيتي وتخلي بيننا وبين ما في أيدينا من أموالنا ومساكننا ، قال : فذاك لك ، قال : ابغني إنسانا سابحا ذا عقل ولب يأتيك بأمر بين ، قال : فأرسل أبو موسى إلى مجزأة بن ثور السدوسي فقال له : ابغني رجلا من قومك سابحا ذا عقل ولب ، وليس بذاك في خطره ، فإن أصيب كان مصابه على المسلمين يسيرا ، وإن سلم جاءنا سب ، فإني لا أدري ما جاء به هذا الدهقان ولا آمن له ولا أثق به ، قال : فقال مجزأة : قد وجدت ، قال : من هو ؟ فأت به ، قال ، أنا هو ، قال أبو موسى : يرحمك الله ، ما هذا أردت فابغني رجلا ، قال : فقال مجزأة بن ثور : والله لا أعمد إلى عجوز من بكر بن وائل أتداين أم مجزأة بابنها ، قال : أما إذا أبيت فسر ، فلبس الثياب البيض وأخذ منديلا وأخذ معه خنجرا ، ثم انطلق إلى الدهقان حتى سنح ، فأجاز المدينة فأدخله من مدخل الماء حيث يدخل على أهل المدينة ، قال : فأدخله في مدخل شديد يضيق به أحيانا حتى ينبطح على بطنه ، ويتسع أحيانا فيمشي قائما ، ويحبو في بعض ذلك حتى دخل المدينة ، وقد أمر أبو موسى أن يحفظ طريق باب المدينة وطريق السوق ومنزل الهرمزان ، فانطلق به الدهقان حتى أراه طريق السور وطريق الباب ، ثم انطلق به إلى منزل الهرمزان ، وقد كان أبو موسى أوصاه أن " لا تسبقني بأمر " فلما رأى الهرمزان قاعدا وحوله دهاقنته وهو يشرب فقال للدهقان : هذا الهرمزان ؟ قال : نعم ، قال : هذا الذي لقي المسلمون منه ما لقوا ، أما والله لأريحنهم منه ، قال : فقال له الدهقان : لا تفعل فإنهم يحرزون ويحولون بينك وبين دخول هذا المدخل ، فأبى مجزأة إلا أن يمضي على رأيه على قتل العلج ، فأداره الدهقان والأصب أن يكف عن قتله ، فأبى ، فذكر الدهقان قول أبي موسى له " اتق أن لا تسبقني بأمر ، فقال : أليس قد أمرك صاحبك أن لا تسبقه بأمر ، فقال : ها أنا والله لأريحنهم منه ، فرجع مع الدهقان إلى منزله فأقام يومه حتى أمسى ، ثم رجع إلى أبي موسى فندب أبو موسى الناس معه ، فانتدب ثلاثمائة ونيف ، فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليه ، وسيفه ، ففعل القوم ، قال فعمدوا على [ ص: 29 ] شاطئ النهر ينتظرون مجزأة أن يأتيهم وهو عند أبي موسى يوصيه ويأمره ، قال عبد الرحمن بن أبي بكرة : وليس لهم هم غيره يشير إلى الموت ، لأنظرن إلى ما يصنع ، والمائدة موضوعة بين يدي أبي موسى ، قال : فكأنه استحى أن لا يتناول من المائدة شيئا ، قال : فتناول حبة من عنب فلاكها ، فما قدر على أن يسيغها وأخذها رويدا فنبذها تحت الخوان ، وودعه أبو موسى وأوصاه فقال : مجزأة لأبي موسى : إني أسألك شيئا فأعطنيه قال : لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه ، قال : فأعطني سيفك أتقلده إلى سيفي ، فدعا له بسيفه فأعطاه إياه ، فذهب إلى القوم وهم ينظرونه حتى كان في وسطه منهم فكبر ووقع في الماء ووقع القوم جميعا ، قال : يقول عبد الرحمن بن أبي بكرة : كأنهم البط فسبحوا حتى جاوزوا ، ثم انطلق بهما إلى الثقب الذي يدخل الماء منه فكبر ، ثم دخل فلما أفضى إلى المدينة فنظر لم يقم معه إلا خمسة وثلاثون أو ستة وثلاثون رجلا ، فقال لأصحابه : ألا أعود إليهم فأدخلهم ؟ فقال رجل من أهل الكوفة يقال له الجبان لشجاعته : غيرك فليقل هذا يا مجزأة ، إنما عليك نفسك ، فامض لما أمرت به ، فقال له : أصبت ، فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه ومضى بطائفة إلى السور ، ومضى بمن بقي حتى صعد إلى السور ، فانحدر عليه علج من الأساورة معه ، فنزل فطعن مجزأة فأثبته ، فقال مجزأة : امضوا لأمركم ، لا يشغلنكم عني شيء ، فألقوا عليه برذعة ليعرفوا مكانه ومضوا ، وكبر المسلمون على السور وعلى باب المدينة وفتحوا الباب وأقبل المسلمون على عادتهم حتى دخلوا المدينة ، قال : قيل للهرمزان : هذا العرب قد دخلوا ، قال : لا شك أنهما قد رحسوها ، قال : من أين دخلوا ؟ أمن السماء ، قال : وتحصن في قصبة له ، وأقبل أبو موسى يركض على فرس له عربي حتى دخل على أنس بن مالك وهو على الناس ، قال : لكن نحن يا أبا حمزة لم نصنع اليوم شيئا ، وقد قتلوا من القوم من قتلوا ، وأسروا من أسروا ، وأطافوا بالهرمزان لقصبته إليه حتى أمنوه ، ونزل على حكم عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ، قال : فبعث بهم أبو موسى مع أنس الهرمزان وأصحابه ، فانطلقوا بهم حتى قدموا على عمر ، قال : فأرسل إليه أنس : ما ترى في هؤلاء ؟ أدخلهم عراة مكتفين ، أو آمرهم فيأخذون حليهم وبرمتهم ، قال : فأرسل إليه عمر ، لو أدخلتهم كما تقول عراة مكتفين لم يزيدوا على أن يكونوا أعلاجا ، ولكن أدخلهم عليهم حليهم وبرمتهم حتى يعلم المسلمون ما أفاء الله عليهم ، [ ص: 30 ] فأمرهم فأخذوا برمتهم وحليهم ودخلوا على عمر ، فقال الهرمزان لعمر : يا أمير المؤمنين ، قد علمت كيف كنا وكنتم إذ كنا على ضلالة جميعا ، كانت القبيلة من قبائل العرب ترمي نشابة بعض أساورتنا فيهربون إلى الأرض البعيدة ، فلما هداكم الله فكان معكم لم نستطع أن نقاتله ، فرجع بهم أنس ، فلما أمسى عمر أرسل إلى أنس أن اغد علي بأسراك أضرب أعناقهم ، فأتاه أنس فقال : والله يا عمر ما ذاك لك ، قال : ولم ؟ قال : إنك قد قلت للرجل : تكلم فلا بأس عليك ، قال : لتأتيني على هذا ببرهان أو لأسوءنك ، قال : فسأل أنس القوم جلساء عمر فقال : أما قال عمر للرجل " تكلم فلا بأس عليك " قالوا : بلى ؟ فكبر ذلك على عمر ، قال : أما رفع عمر يديه فأخرجهم عني ، فسيرهم إلى قرية يقال لها " دهلك " في البحر ، فلما توجهوا بهم رفع عمر يديه فقال : اللهم اكسرها بهم ثلاثا ، فركبوا السفينة فاندقت بهم وانكسرت ، وكانت قريبة من الأرض فخرجوا ، فقال رجل من المسلمين : لو دعا أن يغرقهم لغرقوا ، ولكن إنما قال : " اكسرها بهم " قال : فأقرهم .

( 2 ) حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن أنس : قال حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر ، فبعث به أبو موسى معي ، فلما قدمنا على عمر سكن الهرمزان ولم يتكلم ، فقال له عمر : تكلم ، فقال : أكلام حي أم كلام ميت ؟ قال : تكلم فلا بأس ، قال : إنا وإياكم معشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم ، فإنا كنا نقتلكم ونقصيكم ، ولما أن كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان ، فقال عمر : ما تقول يا أنس ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، تركت خلفي شوكة شديدة وعددا كثيرا ، إن قتلته أيس القوم من الحياة وكان أشد لشوكتهم ، وإن استحييته طمع القوم ، فقال : يا أنس استحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور ، فلما خشيت أن يبسط عليه قلت : ليس إلى قتله سبيل ، فقال عمر : لم ؟ أعطاك ؟ أصبت منه ؟ قلت : ما فعلت ولكنك قلت له " تكلم فلا بأس " قال : لتجيئن بمن يشهد أو لأبدأن بعقوبتك ، قال فخرجت من عنده فإذا أنا بالزبير قد حفظ ما حفظت ، فشهد عنده فتركه وأسلم الهرمزان وفرض له .

( 3 ) حدثنا غندر عن شهاب بن حبيب عن أبيه أنه غزا مع أبي موسى حتى إذا كان يوم قدموا تستر رمي الأشعري فصرع ، فقمت من ورائه بالفرس حتى إذا أفاق قال : كنت أول رجل من العرب أوقد في باب تستر نارا ؟ قال : فلما فتحناها وأخذنا السبي قال أبو موسى : اختر من الجند عشرة رهط ليكونوا معك على هذا السبي حتى نأتيك ، ثم مضى وراء ذلك في الأرض حتى فتحوا ما فتحوا من الأرض ثم رجعوا عليه ، فقسم أبو موسى [ ص: 31 ] بينهم الغنائم ، فكان يجعل للفارس سهمين وللراجل سهما ، وكان لا يفرق بين المرأة وولدها عند البيع .

( 4 ) حدثنا يحيى بن سعيد عن حبيب بن شهاب قال : حدثني أبي قال : كنت أول من أوقد في باب تستر ، ورمي الأشعري فصرع ، فلما فتحوها وأخذوا السبي أمرني على عشرة من قومي ونفلني برجل سوى سهمي وسهم فرسي قبل الغنيمة .

( 5 ) حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة عن العوام بن مزاحم عن خالد بن سيحان قال : شهدت تستر مع أبي موسى أربع نسوة أو خمس ، فكن يستقين الماء ويداوين الجرحى ، فأسهم لهن أبو موسى .

( 6 ) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن مطرف بن مالك أنه قال : شهدت فتح تستر مع الأشعري ، قال : فأصبنا دانيال بالسوس ، قال : فكان أهل السوس إذا أسنوا أخرجوه فاستسقوا به ، وأصبنا معه ستين جرة مختمة ، قال : ففتحنا جرة من أدناها وجرة من أوسطها وجرة من أقصاها ، فوجدنا في كل جرة عشرة آلاف ، قال همام : ما أراه إلا قال " عشرة آلاف " وأصبنا معه ربطتين من كتان ، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب ، وكان أول رجل وقع عليه من بلعنبر يقال له حرقوص ، قال : أعطاه الأشعري الربطتين وأعطاه مائتي درهم ، قال : ثم إنه طلب إليه الربطتين بعد ذلك ، فأبى أن يردهما وشقهما عمائم بين أصحابه ، قال : وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما ، قال : بيعوني هذه الربعة بما فيها ، قالوا : إن لم يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله ، قال فإن الذي فيها كتاب الله ، فكرهوا أن يبيعوا الكتاب ، فبعناه الربعة بدرهمين ، ووهبنا له الكتاب ، قال قتادة : فمن ثم كره بيع المصاحف لأن الأشعري وأصحابه كرهوا بيع ذلك الكتاب ، قال همام : فزعم فرقد السبخي قال : حدثني أبو تميمة أن عمر كتب إلى الأشعري أن تغسلوا دانيال بالسدر وماء الريحان ، وأن يصلى عليه فإنه نبي دعا ربه أن لا يريه المسلمون .

( 7 ) حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن أنس أنهم لما فتحوا تستر قال : فوجد رجلا أنفه ذراع في التابوت ، كانوا يستظهرون ويستمطرون به ، فكتب أبو موسى [ ص: 32 ] إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب عمر : إن هذا نبي من الأنبياء والنار لا تأكل الأنبياء ، والأرض لا تأكل الأنبياء ، فكتب أن انظر أنت وأصحابك يعني أصحاب أبي موسى فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما ، قال : فذهبت أنا وأبو موسى فدفناه .

( 8 ) حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن حبيب أبي يحيى أن خالد بن زيد وكانت عينه أصيبت بالسوس قال : حاصرنا مدينتها فلقينا حميدا وأمير الجيش أبو موسى ، وأخذ الدهقان عهده وعهد من معه ، فقال أبو موسى : اعزلهم ، فعزلهم وجعل أبو موسى يقول لأصحابه : إني لأرجو أن يخدعه الله عن نفسه ، فعزلهم وأبقى عدو الله ، فأمر به أبو موسى ، فنادى وبذل له مالا كثيرا ، فأبى وضرب عنقه .

( 9 ) حدثنا أبو خالد عن حميد عن حبيب أبي يحيى عن خالد بن زيد عن أبي موسى بنحوه .

( 10 ) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس أنه قال : شهدت فتح تستر مع الأشعري ، قال : فلم أصل صلاة الصبح حتى انتصف النهار وما سرني بتلك الصلاة الدنيا جميعا .

( 11 ) حدثنا ريحان بن سعيد قال حدثني مرزوق بن عمرو قال حدثني أبو فرقد قال : كنا مع أبي موسى يوم فتحنا سوق الأهواز ، فسعى رجل من المشركين ، وسعى رجلان من المسلمين خلفه ، قال : فبينا هو يسعى ويسعيان إذ قال له أحدهما : مترس ، فقام الرجل فأخذاه ، فجاءا به أبا موسى وأبو موسى يضرب أعناق الأسارى حتى انتهى الأمر إلى الرجل ، فقال أحد الرجلين : إن هذا قد جعل له الأمان ، قال أبو موسى : وكيف جعل له الأمان ؟ قال : إنه كان يسعى ذاهبا في الأرض فقلت له " مترس " فقام ، فقال أبو موسى : وما مترس ؟ قال : لا تخف قال : هذا أمان ، خليا سبيله ، قال : فخليا سبيل الرجل .

[ ص: 33 ] حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن سديس العدوي قال : غزونا مع الأمير الأبلة ، فظفرنا بها ثم انتهينا إلى الأهواز فظفرنا بها وأصبنا سبيا كثيرا فاقتسمناهم ، فأصاب الرجل الرأس والاثنين ، فوقعنا على النساء ، فكتب أميرنا إلى عمر بن الخطاب بالذي كان ، فكتب إليه " إنه لا طاقة لكم بعمارة الأرض ، خلوا ما في أيديكم من السبي ، ولا تملكوا أحدا منهم ، واجعلوا عليهم من الخراج قدر ما في أيديهم من الأرض " فتركنا ما في أيدينا من السبي فكم من ولد لنا غلبه الهماس ، وكان فيمن أصبنا أناس من الزط يتشبهون بالعرب يؤثرون لحاهم ويأتزرون ويحتبون في مجالسهم ، فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه عمر " أن أدنهم منك ، فمن أسلم منهم فألحقه بالمسلمين " فلما بلونا الناس لم يكن عندهم بأس ، وكانت الأساورة ، أشد منهم بأسا ، فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه عمر " أن أدنهم منك فمن أسلم فألحقه بالمسلمين " .

( 13 ) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة قال حدثنا أبو إسحاق عن المهلب قال : أغرنا على مناذر ، وأصبنا منهم ، وكأنه كان لهم عهد ، فكتب عمر : ردوا ما أصبتم منهم ، قال : فردوا حتى ردوا النساء الحبالى .

( 14 ) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثني عطاء بن السائب عن أبي زرعة بن عمر عن جرير أن رجلا كان ذا صوت ونكاية على العدو مع أبي موسى ، فغنموا مغنما فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يوفه ، فأبى أن يأخذه إلا جمعا ، فضربه عشرين سوطا وحلقه ، فجمع شعره فذهب إلى عمر فدخل عليه فقال جرير : وأنا أقرب الناس منه ، فأخرج شعره من ضببه ؟ فضرب بها صدر عمر فقال : أما والله لولاه ، فقال عمر : صدق لولا النار ، فقال : مالك ؟ فقال ، كنت رجلا ذا صوت ونكاية على العدو ، فغنمنا مغنما ، وأخبره بالأمر ، وقال : حلق رأسي وجلدني عشرين سوطا يرى أنه لا يقتص منه ، فقال عمر : لأن يكون الناس كلهم على مثل صرامة هذا أحب من جميع ما أتى علي ، قال : [ ص: 34 ] فكتب عمر إلى أبي موسى " سلام عليكم أما بعد فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا ، وإني أقسم عليك إن كنت فعلت به ما فعلت في ملأ من الناس لما جلست في ملأ منهم فأقتص منك ، وإن كنت فعلت به ما فعلت في خلاء فاقعد له في خلاء فيقتص منك ، فقال له الناس : اعف عنه ، فقال : لا والله لا أدعه لأحد من الناس ، فلما رفع إليه الكتاب قعد للقصاص فرفع رأسه إلى السماء وقال : قد عفوت عنه ، وقال حماد أيضا فأعطاه أبو موسى بعض سهمه ، وقد قال أيضا جرير : وأنا أقرب القوم ، قال : وقال أيضا : قد عفوت عنه لله .

( 15 ) حدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال حدثنا المغيرة عن سماك بن سلمة أن المسلمين لما فتحوا تستر وضعوا بها وضائع المسلمين ، وتقدموا لقتال عدوهم ، قال : فغدر بهم دهقان تستر فأحمى لهم تنورا ، وعرض عليهم لحم الخنزير والحمير أو التنور ، قال : فمنهم من أكل فترك ، قال : فعرض على نهيب بن الحارث الضبي فأبى ، فوضع في التنور ، قال : ثم إن المسلمين رجعوا فحاصروا أهل المدينة حتى صالحوا الدهقان ، فقال ابن أخ لنهيب لعمه : يا عماه ، هذا قاتل نهيب ، قال : يا ابن أخي ، إن له ذمة ، قال سماك : بلغني أن عمر بلغه ذلك فقال : يرحمه الله وما عليه لو كان أكل .

( 16 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا العلاء بن المنهال قال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي قال : حدثني أبي قال حاصرنا بوج وعلينا رجل من بني سليم يقال له مجاشع بن مسعود ، قال : فلما فتحناها ، قال : وعلي قميص خلق ، قال : فانطلقت إلى قتيل من القتلى الذين قتلنا ، قال : فأخذت قميص بعض أولئك القتلى ، قال : وعليهم الدماء ، قال : فغسلته بين أحجار ، ودلكته حتى أنقيته ولبسته ودخلت القرية فأخذت إبرة وخيوطا فخطت قميصي ، فقام مجاشع فقال : يا أيها الناس ، لا تغلوا شيئا ، من غل شيئا جاء به يوم القيامة ولو كان مخيطا ، قال : فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميصي فجعلت أفتقه حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن يقطع ، فانطلقت بالقميص والإبرة والخيط الذي كنت أخذته من المقاسم فألقيته فيها ، ثم ما ذهبت من [ ص: 35 ] الدنيا حتى رأيتهم يغلون الأسواق ، فإذا قلت : أي شيء ؟ قالوا : نصيبنا من الفيء أكثر من هذا .

( 17 ) حدثنا ابن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال : لما قدم عمر فتح تستر ، وتستر من أرض البصرة ، سألهم : هل من مغربة ، قالوا : رجل من المسلمين لحق بالمشركين فأخذناه ، قال : ما صنعتم به ؟ قالوا : قتلناه ، قال : أفلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا حتى استتبتموه ثلاثا ، فإن تاب وإلا قتلتموه ، ثم قال : اللهم لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني أو حين بلغني .

( 18 ) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال : حاصرنا مدينة الأهواز فافتتحناها ، وقد كان ذكر صلح ، فأصبنا نساء فوقعنا عليهن ، فبلغ ذلك عمر فكتب إلينا " خذوا أولادهم وردوا إليهم نساءهم " وقد كان صالح بعضهم .

( 19 ) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا عبد الله بن الوليد عن عمر بن محمد بن حاطب قال : سمعت جدي محمد بن حاطب قال : ضرب علينا بعث إلى إصطخر ، فجعل الفارس للقاعد ثلاثا .

( 20 ) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن كيسان قال سمعت شديسا العدوي يقول : غزوت ميسان فسبيت جارية فنكحتها حتى جاء كتاب من عمر " ردوا ما في أيديكم من سبي ميسان " فرددت ، فلا أدري على أي حال رددت ؟ حامل أو غير حامل ، حتى يكون أعمر لقراهم وأوفر لخراجهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية