صفحة جزء
5514 ( 20 ) ما قالوا في مهاجر النبي عليه السلام وأبي بكر وقدوم من قدم

( 1 ) حدثنا أبو بكر قال : حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه وفاطمة عن أسماء قالت : صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة ، قالت : فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به ، فقلت لأبي بكر : والله ما أجد [ ص: 456 ] شيئا أربط به إلا نطاقي ، قالت : فقال : شقيه باثنين ، فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة ، فلذلك سميت ذات النطاقين .

( 2 ) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعني إلى المدينة تبعهما سراقة بن مالك ، فلما أتاهما قال : هذان فرا من قريش لو رددت على قريش فرها ، قال : فعطفت فرسه عليهما فساخت الفرس ، فقال : ادعوا الله أن يخرجها ولا أقربكما ، قال : فخرجت فعادت حتى فعل ذلك مرتين أو ثلاثا ، قال : فكف ثم قال : هلما إلى الزاد والحملان ، فقالا : لا نريد ولا حاجة لنا في ذلك .

( 3 ) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب : مر البراء فليحمله إلى رحلي ، فقال له عازب : لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرجتما والمشركون يطلبونكما ، قال : رحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا ، وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه ، فإذا أنا بصخرة فانتهينا إليها ، فإذا بقية ظل لها فنظرت بقبة ظل فسويته ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فروة ، ثم قلت : اضطجع يا رسول الله ، فاضطجع ثم ذهبت أنقض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة ، يريد منها الذي أريد ، فسألته فقلت : لمن أنت يا غلام ؟ فقال : لرجل من قريش ، قال : فسماه فعرفته ، فقلت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم ، قلت : هل أنت حالب لي ؟ قال : نعم ، قال : فأمرته فاعتقل شاة من غنمه فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ، ثم أمرته أن ينفض كفيه ، فقال هكذا ، فضرب إحدى يديه بالأخرى ، فحلب كثبة من لبن ، ومعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ فقلت : اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضيت ، ثم قلت : أنى الرحيل يا رسول الله ، فارتحلنا والقوم يطلبوننا ، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له ، فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال : لا تحزن إن الله معنا ، حتى إذا دنا منا ، فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة ، [ ص: 457 ] قال : قلت : يا رسول الله ، هذا الطلب قد لحقنا وبكيت فقال ، ما يبكيك ؟ فقلت : أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك قال : فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم اكفناه بما شئت ، قال : فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها ، فوثب عنها ثم قال : يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب ، وهذه كنانتي فخذ سهما منهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حاجة لنا في إبلك ، وانصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق راجعا إلى أصحابه ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب ، أكرمهم بذلك فخرج الناس حتى دخل المدينة ، وفي الطريق وعلى البيوت الغلمان والخدم جاء محمد جاء رسول الله فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمره الله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم قال : وصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام رجل ثم خرج بعدما صلى ، فمر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال : هو يشهد أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه نحو الكعبة ، قال : فانحرف القوم حتى وجهوا نحو الكعبة ، قال البراء : وكان نزل علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي ، فقلنا له : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : هو ومكانه وأصحابه على أثري ، ثم أتانا بعد عمرو ابن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى ، فقلنا له : ما فعل من ورائك رسول الله وأصحابه ؟ فقال : هم على أثري ، ثم أتانا عمر بن الخطاب من بعدهم في عشرين راكبا ، ثم أتانا بعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه ، فلم يقدم علينا حتى قرأت سورا من سور المفصل ، ثم خرجنا حتى نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا .

( 4 ) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : أول من [ ص: 458 ] قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئان الناس القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط فرحهم به ، قال : فما قدم حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور من المفصل .

( 5 ) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم أن قريشا جعلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر أربعين أوقية ، قال فبينما أنا جالس إذ جاءني رجل فقال : إن الرجلين الذين جعلت قريش فيهما ما جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا ، فأتيت فرسي وهو في المرعى فنفرت به ثم أخذت رمحي ، قال فركبته ، قال : فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء قال : فلما رأيتهما قال أبو بكر : هذا باغ يبغينا ، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم اكفناه بما شئت قال : قال فوجل فرسي وإني لفي جلد من الأرض ، فوقعت على حجر فانقلب ، فقلت : ادع الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه ، وعاهده أن لا يعصيه ، قال : فدعا له ، فخلص الفرس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أواهبه أنت لي ، فقلت : نعم ، فقال : فهاهنا ، قال : فعمي عنا الناس ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق الساحل مما يلي البحر ، قال : فكنت أول النهار لهم طالبا وآخر النهار لهم مسلحة ، وقال لي : إذا استقررنا بالمدينة فإن رأيت أن تأتينا فأتنا ، قال : فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأحد وأسلم الناس ومن حولهم ، قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج ، قال : فأتيته فقلت له : أنشدك النعمة ، فقال القوم : مه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تريد ؟ فقلت : بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي ، فأنا أحب أن توادعهم ، فإن أسلم قومهم أسلموا معهم وإن لم يسلموا لم تخشن صدور قومهم عليهم ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد بن الوليد فقال له : اذهب معه فاصنع ما أراد ، فذهب إلى بني مدلج ، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، فأنزل الله ودوا لو تكفرون حتى بلغ إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم قال الحسن : فالذين حصرت صدورهم بنو مدلج ، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم كان في مثل عهدهم .

[ ص: 459 ] حدثنا عفان قال : حدثنا همام قال : أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار : لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه ، قال : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

( 7 ) حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام عن أبيه أن عبد الله بن أبي بكر كان الذي يختلف بالطعام إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وهما في الغار .

( 8 ) حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : إلا تنصروه ثم ذكر ما كان من أول شأنه حين بعث ، يقول : فالله فاعل ذلك به ناصره كما نصره ثاني اثنين .

( 9 ) حدثنا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال : مكث أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا .

( 10 ) حدثنا وكيع عن نافع بن عمر عن رجل عن أبي بكر أنهما لما انتهيا ، قال : إذا جحر ، قال : فألقمه أبو بكر رجله فقال : يا رسول الله ، إن كانت لدغة أو لسعة كانت بي .

( 11 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن سماك عن ابن جبير عن ابن عباس كنتم خير أمة أخرجت للناس قال : هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

( 12 ) حدثنا وكيع عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال : سمعت مسلمة بن مخلد يقول : ولدت حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبض وأنا ابن عشر .

( 13 ) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع أنسا يقول : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر ، وقبض وأنا ابن عشرين ، وكن أمهاتي يحثثنني على خدمته .

( 14 ) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة قال : استقبلتهم هدية طلحة إلى أبي بكر في الطريق فيها ثياب بيض ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فيها المدينة .

[ ص: 460 ] حدثنا خالد بن مخلد عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى بعبد الله بن الزبير ، فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكوه حتى وجدوها فحنكوه ، فكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله .

( 16 ) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله قال : قال عبد الله : إن أول من هاجر من هذه الأمة غلامان من قريش .

( 17 ) حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : قلت له : ما فرق ما بين المهاجرين الأولين والآخرين ؟ قال : فرق ما بينهما القبلتان ، فمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين فهو من المهاجرين الأولين .

( 18 ) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، وكان أبو بكر يختلف إلى الشام ، فكان يعرف ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعرف ، فكانوا يقولون : يا أبا بكر ، من هذا الغلام بين يديك ؟ قال : هاد يهديني السبيل ، قال : فلما دنوا من المدينة نزلا الحرة وبعثا إلى الأنصار فجاءوا ، قال : فشهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوما كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه ، وشهدت يوم مات فما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية