صفحة جزء
5525 ( 30 ) غزوة الحديبية .

( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا غندر عن شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عن أنس أنه قال في هذه الآية إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال : الحديبية .

( 2 ) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية ، وكانت الحديبية في شوال ، قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه رجل من بني كعب فقال : يا رسول الله ، إنا تركنا قريشا وقد جمعت لك أحابيشها تطعمها الخزير ، يريدون أن يصدوك عن البيت ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا تبرز من عسفان لقيهم خالد بن الوليد طليعة لقريش ، فاستقبلهم على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلم هاهنا ، فأخذ بين سروعتين يعني شجرتين ومال عن سنن الطريق حتى نزل الغميم ، فلما نزل الغميم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد فإن قريشا قد جمعت لكم أحابيشها تطعمها الخزير ، يريدون أن يصدونا عن البيت ، فأشيروا علي بما ترون ؟ أن تعمدوا إلى الرأس يعني أهل مكة ، أم ترون أن تعمدوا إلى الذين أعانوهم فتخالفوهم إلى نسائهم وصبيانهم ، فإن جلسوا جلسوا موتورين مهزومين ، وإن طلبونا طلبونا طلبا متداريا ضعيفا ، فأخزاهم الله ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أن تعمد إلى الرأس فإن الله معينك وإن الله ناصرك وإن الله مظهرك ، قال المقداد بن الأسود وهو في رحله : إنا والله لا نقول لك كما قالت [ ص: 506 ] بنو إسرائيل لنبيها اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا غشي الحرم ودخل أنصابه بركت ناقته الجدعاء فقالوا : خلأت ، فقال : والله ما خلأت ، وما الخلأ بعادتها ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ، لا تدعوني قريش إلى تعظيم المحارم فيسبقوني إليه ، هلم هاهنا لأصحابه ، فأخذ ذات اليمين في ثنية تدعى ذات الحنظل حتى هبط على الحديبية ، فلما نزل استقى الناس من البئر ، فنزفت ولم تقم بهم ، فشكوا ذلك إليه فأعطاهم سهما من كنانته فقال : اغرزوه في البئر فغرزوه في البئر فجاشت وطما ماؤها حتى ضرب الناس بالعطن ، فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهو من قوم يعظمون الهدي ، فقال : ابعثوا الهدي فلما رأى الهدي لم يكلمهم كلمة ، وانصرف من مكانه إلى قريش ، فقال : يا قوم القلائد والبدن والهدي ، فحذرهم وعظم عليهم ، فسبوه وتجهموه وقالوا : إنما أنت أعرابي جلف لا نعجب منك ، ولكنا نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك ، اجلس ، ثم قالوا لعروة بن مسعود : انطلق إلى محمد ولا نؤتين من ورائك ، فخرج عروة حتى أتاه فقال : يا محمد ، ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت إليه ، سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها ، تعلم أني جئتك من كعب بن لؤي وعامر بن لؤي ، قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل يقسمون بالله : لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لم نأت لقتال ، ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا ، فهل لك أن تأتي قومك ، فإنهم أهل قتب ، وإن الحرب قد أخافتهم ، وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا ما قد أكلت ، فيخلون بيني وبين البيت ، فنقضي عمرتنا وننحر هدينا ، ويجعلون بيني وبينهم مدة ، نزيل فيها نساءهم ويأمن فيها سريهم ، ويخلون بيني وبين الناس ، فإني والله لأقاتلن على هذا الأمر الأحمر والأسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي ، فإن أصابني الناس فذاك الذي يريدون ، وإن أظهرني الله عليهم اختاروا ، إما قاتلوا معدين وإما دخلوا في السلم وافرين ، قال : فرجع عروة إلى قريش فقال : تعلمن والله ما على الأرض قوم أحب إلي منكم ، إنكم لإخواني وأحب الناس إلي ، ولقد استنصرت [ ص: 507 ] لكم الناس في المجامع ، فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أواسيكم ، والله ما أحب الحياة بعدكم ، تعلمن أن الرجل قد عرض نصفا فاقبلوه ، تعلمن أني قد قدمت على الملوك ، ورأيت العظماء فأقسم بالله إن رأيت ملكا ولا عظيما أعظم في أصحابه منه ، لن يتكلم منهم رجل حتى يستأذنه ، فإن هو أذن له تكلم ، وإن لم يأذن له سكت ، ثم إنه ليتوضأ فيبتدرون وضوءه ويصبونه على رءوسهم ، يتخذونه حنانا ، فلما سمعوا مقالته أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا : انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما ذكر عروة فقاضياه على أن يرجع عامه هذا عنا ، ولا يخلص إلى البيت ، حتى يسمع من يسمع بمسيره من العرب أنا قد صددناه ، فخرج سهيل ومكرز حتى أتياه وذكرا ذلك له ، فأعطاهما الذي سألا فقال : اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم قالوا : والله لا نكتب هذا أبدا ، قال : فكيف ؟ قالوا : نكتب باسمك اللهم قال : وهذه فاكتبوها ، فكتبوها ، ثم قال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : والله ما نختلف إلا في هذا ، فقال : ما أكتب ؟ فقالوا : انتسب فاكتبمحمد بن عبد الله ، قال : وهذه حسنة اكتبوها ، فكتبوها ، وكان في شرطهم أن بيننا للعيبة المكفوفة ، وأنه لا أغلال ولا أسلال ، قال أبو أسامة : الأغلال : الدروع ، والأسلال : السيوف ، ويعني بالعيبة المكفوفة أصحابه يكفهم عنهم ، وأنه من أتاكم منا رددتموه علينا ، ومن أتانا منكم لم نردده عليكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن دخل معي فله مثل شرطي ، فقالت قريش : من دخل معنا فهو منا ، له مثل شرطنا ، فقالت بنو كعب : نحن معك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت بنو بكر : نحن مع قريش ، فبينما هم في الكتاب إذ جاء أبو جندل يرسف في القيود ، فقال المسلمون : هذا أبو جندل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو لي ، وقال سهيل : هو لي ، وقال سهيل : اقرأ الكتاب ، فإذا هو لسهيل ، فقال أبو جندل : يا رسول الله ، يا معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين ؟ فقال عمر : يا أبا جندل ، هذا السيف فإنما هو رجل ورجل ، فقال سهيل : أعنت علي يا عمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهيل : هبه لي ، قال : لا ، قال فأجره لي ، قال : لا ، قال مكرز : قد أجرته لك يا محمد فلم ينج .

( 3 ) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام صدوه ، فلما انتهى إلى الحديبية اضطرب في الحل ، وكان مصلاه في الحرم ، فلما كتبوا القضية وفرغوا منها دخل على الناس من ذلك أمر عظيم قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس انحروا واحلقوا وأحلوا ، فما قام رجل من الناس ، ثم أعادها فما قام أحد من الناس ، فدخل على أم سلمة فقال : ما [ ص: 508 ] رأيت ما دخل على الناس ؟ فقالت : يا رسول الله ، اذهب فانحر هديك واحلق وأحل ، فإن الناس سيحلون ، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق وأحل .

( 4 ) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال : لما أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح : السيف وقرابه ، ولا يخرج معه أحد من أهلها ولا يمنع أحدا أن يمكث بها ممن كان معه ، فقال لعلي : اكتب الشرط بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال المشركون : لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله قال : فأمر عليا أن يمحوها ، فقال علي : لا والله لا أمحوها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرني مكانها ، فأراه مكانها فمحاها ، وكتب ابن عبد الله فأقام فيها ثلاثة أيام ، فلما كان يوم الثالث قالوا لعلي : هذا آخر يوم من شرط صاحبك ، فمره فليخرج ، فحدثه بذلك ، فقال : نعم ، فخرج .

( 5 ) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال : نزلنا يوم الحديبية فوجدنا ماءها قد شربه أوائل الناس ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على البئر ، ثم دعا بدلو منها ، فأخذ منه بفيه ثم مجه فيها ودعا الله ، فكثر ماؤها حتى تروى الناس منها .

( 6 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن عطاء قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمرا حتى أتى الحديبية ، فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت ، حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال ، قال : فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة ، وذلك يوم بيعة الرضوان ، فقاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش : نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام ، ففعل ، قال : فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثا ، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف ، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معك ، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع ، حتى إذا كان في قابل تلك الأيام دخل مكة ، وجاء بالبدن معه ، وجاء الناس معه ، فدخل المسجد الحرام ، فأنزل الله عليه لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين قال : وأنزل عليه الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [ ص: 509 ] فإن قاتلوكم في المسجد الحرام فقاتلوهم ، فأحل لهم إن قاتلوه في المسجد الحرام أن يقاتلوهم ، فأتاه أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، وكان موثقا أوثقه أبوه ، فرده إلى أبيه .

( 7 ) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الهدنة التي كانت قبل الصلح الذي كان بينه وبينهم ، قال : والمشركون عند باب الندوة مما يلي الحجر ، وقد تحدثوا أن برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه جهدا وهزلا ، فلما استلموا ؛ قال : قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قد تحدثوا أن بكم جهدا وهزلا ؛ فارملوا ثلاثة أشواط حتى يروا أن بكم قوة ، قال : فلما استلموا الحجر رفعوا أرجلهم فرملوا ، حتى قال بعضهم لبعض : أليس زعمتم أن بهم هزلا ، وهم لا يرضون بالمشي حتى يسعوا سعيا .

( 8 ) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثني أبي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية قال : شهدت الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يوجفون الأباعر ، فقال بعض الناس لبعض : ما للناس ؟ فقالوا : أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فخرجنا نوجف مع الناس حتى وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا عند كراع الغميم ، فلما اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحا مبينا فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، أوفتح هو ؟ قال : إي والذي نفسي بيده ، إنه لفتح ؛ قال : فقسمت على أهل الحديبية على ثمانية عشر سهما ، وكان الجيش ألفا وخمسمائة ، ثلاثمائة فارس ، فكان للفارس سهمان .

( 9 ) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة عن أبيه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية فنحر مائة بدنة ونحن سبع عشرة مائة ومعهم عدة السلاح والرجال والخيل وكان في بدنه جمل ، فنزل الحديبية فصالحه قريش على أن هذا الهدي محله حيث حبسناه .

( 10 ) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن سهل بن حنيف قال : لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لو نرى قتالا لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟ [ ص: 510 ] قال : بلى قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : ففيم نعطي الدنية ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، قال : فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، قال : فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال : يا رسول الله ، أوفتح هو ؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ورجع .

( 11 ) حدثنا عفان قال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل : أما بسم الله الرحمن الرحيم فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ولكن اكتب بما نعرف باسمك اللهم فقال : اكتب من محمد رسول الله قالوا : لو علمنا أنك رسول الله اتبعناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب من محمد بن عبد الله فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا ، فقالوا : يا رسول الله ، أتكتب هذا ؟ قال : نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا

التالي السابق


الخدمات العلمية