صفحة جزء
5618 ( 31 ) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وأرى ذلك بمكة ، قال أبو سعيد : فما بقي أحد منهم إلا بعثه أو سبه غيري ، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي [ ص: 686 ] أجرأ منه على غيره ، فقال : يا كوفي ، أتسبني ؟ اقدم المدينة ، كأنه يتهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان ، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة ، قال : فقال طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا ، قال لأحرمنك عطاءك ، قال : فقال طلحة : إن الله سيرزقه .

( 32 ) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت ذكوان أبا صالح يحدث عن صهيب مولى العباس قال : أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه ، قال : فأتيته فإذا هو يغدي الناس ، فدعوته فأتاه فقال : أفلح الوجه أبا الفضل ، قال : ووجهك أمير المؤمنين ، قال : ما زدت أن أتاني رسولك وأنا أغدي الناس فغديتهم ثم أقبلت ، فقال العباس : أذكرك الله في علي ، فإنه ابن عمك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرك ، وإنه قد بلغني أنك تريد أن تقوم بعلي وأصحابه فاعفني من ذلك يا أمير المؤمنين ، فقال عثمان : أنا أولى من أخيك أن قد شفعتك أن عليا لو شاء ما كان أحد دونه ، ولكنه أبى إلا رأيه ، وبعث إلى علي فقال له " أذكرك الله في ابن عمك وابن عمتك وأخيك في دينك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي بيعتك ، فقال : والله لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ، فأما أن أداهن أن لا يقام كتاب الله فلم أكن لأفعل ، قال محمد بن جعفر : سمعته ما لا أحصي وعرضته عليه غير مرة .

( 33 ) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن قيس قال : لما قدم معاوية وعمرو الكوفة أتى الحارث بن الأزمع عمرا ، فخرج عمرو وهو راكب ، فقال له الحارث : جئت في أمر لو وجدتك على قرار لسألتك ، فقال عمرو : ما كنت لتسألني عن شيء وأنا على قرار إلا أخبرتك به الآن ، قال ، فأخبرني عن علي وعثمان ، قال : فقال " اجتمعت السخطة والإثرة ، فغلبت السخطة الإثرة ، ثم سار .

( 34 ) أبو أسامة قال حدثنا كهمس قال حدثني عبد الله بن شقيق قال حدثني الأقرع قال : أرسل عمر إلى الأسقف ، قال : فهو يسأله وأنا قائم عليهما أظلهما من الشمس ، فقال له : هل تجدنا في كتابكم ؟ قال : نعتكم وأعمالكم ، قال : فما تجدني ؟ قال : أجدك قرن حديد ، قال : فنقط عمر وجهه وقال " قرن حديد ؟ قال " أمين شديد ، قال : فكأنه فرح بذلك ، قال " فما تجد بعدي ؟ قال " خليفة صدق يؤثر أقربيه ، قال " فقال عمر " يرحم الله ابن عفان ، قال : فما تجد بعده ؟ قال " صدع حديد ، قال " وفي يد عمر شيء يقلبه ، قال : فنبذه وقال " يا ذفراه ، مرتين أو ثلاثا ، فقال " لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فإنه خليفة مسلم [ ص: 687 ] ورجل صالح ، ولكنه يستخلف والسيف مسلول والدم مهراق ، قال : ثم التفت إلي وقال : الصلاة .

( 35 ) وكيع عن يحيى بن أبي الهيثم عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال : لا تسلوا سيوفكم فلئن سللتموها لا تغمد إلى يوم القيامة وقال : أنظروني ثمان عشرة يعني يوم عثمان .

( 36 ) ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال كعب : كأني أنظر إلى هذا ؛ وفي يديه شهابان من نار يعني قاتل عثمان ، فقتله .

( 37 ) عفان قال حدثني معتمر بن سليمان التيمي قال : سمعت أبي قال : حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال : سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا ، فاستقبلهم فكان في قرية خارجا من المدينة ، أو كما قال ، قال : فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه ، قال : أراه قال : وكره أن يقدموا عليه المدينة ، أو نحوا من ذلك ، فأتوه فقالوا : ادع بالمصحف ، فدعا بالمصحف فقالوا : افتح السابعة ، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة ، فقرأها حتى إذا أتى على هذه الآية قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون قالوا : أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك به أم على الله تفتري ؟ فقال : أمضه ، أنزلت في كذا وكذا ، وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة ؛ فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة ؛ أمضه ، فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول : أمضه ، نزلت في كذا وكذا والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك ، يقول أبو نضرة : يقول لي ذلك أبو سعيد ، قال أبو نضرة : وأنا في سنك يومئذ ؛ قال : ولم يخرج وجهي أو لم يستو وجهي يومئذ ، لا أدري لعله قال مرة أخرى : وأنا يومئذ في ثلاثين سنة ؛ ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج ، فعرفها فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال لهم : ما تريدون ؟ فأخذوا ميثاقه ، قال : وأحسبه قال : وكتبوا عليه شرطا ، قال : وأخذ عليهم ، أن لا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه ، فقال لهم : ما تريدون ؟ فقالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء ، فإنما [ ص: 688 ] هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرضوا ، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين ، فقام فخطب فقال : والله إني ما رأيت وفدا أهم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا علي ، وقال مرة أخرى : حسبت أنه قال : من هذا الوفد من أهل مصر ، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه ، ومن كان له ضرع فليحتلب ، ألا إنه لا مال لكم عندنا ، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فغضب الناس وقالوا : هذا مكر بني أمية ، ثم رجع الوفد المصريون راضين ، فبينما هم في الطريق إذ براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم ، فقالوا له : إن لك لأمرا ما شأنك ؟ قال : أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بكتاب على لسان عثمان ، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم فأقبلوا حتى قدموا المدينة ، فأتوا عليا فقالوا : ألم تر إلى عدو الله ، أمر فينا بكذا وكذا ، والله قد أحل دمه قم معنا إليه ، فقال : لا والله ، لا أقوم معكم ، قالوا : فلم كتبت إلينا ، قال : لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قال بعضهم لبعض : ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون ، وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية أو قرية له فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا : كتبت فينا بكذا وكذا ، فقال : إنما هما اثنتان : أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني : بالله الذي لا إله إلا هو ، ما كتبت ولا أمليت ، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم ، فقالوا له : قد والله أحل الله دمك ، ونقض العهد والميثاق ، قال : فحصروه في القصر ، فأشرف عليهم فقال : السلام عليكم ، قال : فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه ؛ فقال : أنشدكم بالله ، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لأستعذب بها ، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين ، فقيل : نعم ، فقال : فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر ، قال : أنشدكم بالله ؛ هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد ، قيل : نعم ، قال : فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه ، قيل : نعم ، قال : فأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله عليه السلام فذكر كذا وكذا شيئا من شأنه ، وذكر أرى كتابة المفصل ، قال : ففشا النهي ، وجعل الناس يقولون : مهلا عن أمير المؤمنين ، [ ص: 689 ] وفشا النهي وقام الأشتر ، فلا أدري يومئذ أم يوما آخر ، فقال : لعله قد مكر به وبكم ، قال : فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا ، ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم ، فلم تأخذ فيهم الموعظة ، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها ، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة ، ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه ، قال : فحدثنا الحسن أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته ، فقال له عثمان : لقد أخذت مني مأخذا أو قعدت مني مقعدا ما كان أبو بكر ليأخذه أو ليقعده ، قال : فخرج وتركه ، قال : وفي حديث أبي سعيد : فدخل عليه رجل فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فخرج وتركه ، ودخل عليه رجل يقال له " الموت الأسود " فخنقه وخنقه ثم خرج ، فقال : والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه ، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان تردد في جسده ، ثم دخل عليه آخر ، فقال بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين يديه ؛ فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها ، أو قطعها فلم يبنها ، فقال : أما والله إنها لأول كف خطت المفصل ، وحدثت في غير حديث أبي سعيد : فدخل عليه التجيبي فأشعره بمشقص ، فانتضح الدم على هذه الآية فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم وإنها في المصحف ما حكت ، وأخذت بنت الفرافصة في حديث أبي سعيد حليها فوضعته في حجرها ، وذلك قبل أن يقتل ، فلما أشعر أو قتل تجافت أو تفاجت عليه ، فقال بعضهم : قاتلها الله ، ما أعظم عجيزتها ، فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا .

( 38 ) قال : وحدثنا أبو بكر قال : حدثنا عفان قال : حدثنا أبو محصن أخو حماد بن نمير رجل من أهل واسط ، قال حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهم رجل من بني فهر ، قال : أنا شاهد هذا الأمر ، قال : جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان أن ائتنا ، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها ، قال : فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم ، فإني مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن ، قال أبو محصن : أشرن : أستعد لخصومتكم ، قال : فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف ، قالها أبو محصن مرتين ، قال : فتناوله رسول عثمان فضربه ، قال : فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما تنقمون مني ؟ قالوا : ننقم عليك ضربك عمارا ، قال : قال عثمان : جاء سعد وعمار فأرسلت إليهما ، فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف ، فتناوله رسول من غير أمري ؛ فوالله ما [ ص: 690 ] أمرت ولا رضيت ، فهذه يدي لعمار فيصطبر ، قال أبو محصن : يعني : يقتص ، قالوا : ننقم عليك أنك جعلت الحروف حرفا واحدا ، قال : جاءني حذيفة فقال : ما كنت صانعا إذا قيل : قراءة فلان وقراءة فلان وقراءة فلان ، كما اختلف أهل الكتاب ، فإن يك صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمن حذيفة ، قالوا : ننقم عليك إنك حميت الحمى ، قال : جاءتني قريش فقالت : إنه ليس من العرب قوم إلا لهم حمى يرعون فيه غيرها ، فقلت ذلك لهم ؛ فإن رضيتم فأقروا ، وإن كرهتم فغيروا ، أو قال لا تقروا شك أبو محصن ، قالوا : وننقم عليك أنك استعملت السفهاء أقاربك قال فليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم الذي يحبونه فأستعمله عليهم وأعزل عنهم الذي يكرهون ، قال : فقال أهل البصرة : رضينا بعبد الله بن عامر ، فأقره علينا ، وقال أهل الكوفة : اعزل سعيدا ، وقال الوليد شك أبو محصن : واستعمل علينا أبا موسى ففعل ، قال : وقال أهل الشام : قد رضينا بمعاوية فأقره علينا ، وقال أهل مصر : اعزل عنا ابن أبي سرح ، واستعمل علينا عمرو بن العاص ، ففعل ، قال : فما جاءوا بشيء إلا خرج منه قال : فانصرفوا راضين ، فبينما بعضهم في بعض الطريق إذ مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه فأصابوا معه كتابا في إداوة إلى عاملهم أن خذ فلانا وفلانا فاضرب أعناقهم ، قال : فرجعوا فبدءوا بعلي فجاء معهم إلى عثمان ، فقالوا : هذا كتابك وهذا خاتمك ، فقال عثمان : والله ما كتبت ولا علمت ولا أمرت ، قال : فما تظن ؟ قال أبو محصن : تتهم ، قال : أظن كاتبي غدر وأظنك به يا علي ، قال : فقال له علي : ولم تظنني بذاك ؟ قال : لأنك مطاع عند القوم ، قال : ثم لم تردهم عني ، قال : فأبى القوم وألحوا عليه حتى حصروه ، قال : فأشرف عليهم وقال : بم تستحلون دمي ؟ فوالله ما حل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : مرتد عن الإسلام أو ثيب زان أو قاتل نفس ، فوالله ما عملت شيئا منهن منذ أسلمت ، قال : فألح القوم عليه ، قال : وناشد عثمان الناس أن لا تراق فيه محجمة من دم ، فلقد رأيت ابن الزبير يخرج عليهم في كتيبة حتى يهزمهم ، لو شاءوا أن يقتلوا منهم لقتلوا ، قال : ورأيت سعيد بن الأسود البختري وإنه ليضرب رجلا بعرض السيف لو شاء أن يقتله لقتله ، ولكن عثمان عزم على الناس فأمسكوا ، قال : فدخل عليه أبو عمرو بن بديل الخزاعي التجيبي ، قال فطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه وعلاه الآخر بالسيف فقتلوه ، ثم انطلقوا هرابا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى أتوا بلدا بين مصر والشام ، قال فكمنوا في غار ، قال : فجاء نبطي من تلك البلاد معه حمار ، قال : فدخل ذباب في منخر الحمار ، قال : فنفر حتى دخل عليهم الغار ، وطلبه صاحبه فرآهم : فانطلق إلى عامل معاوية ، قال : فأخبره بهم ، قال : فأخذهم معاوية فضرب أعناقهم [ ص: 691 ]

( 39 ) عبد الله بن بكر قال حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال : لما ذكروا من شأن عثمان الذي ذكروا أقبل عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحابه حتى دخلوا على عبد الله بن عمر فقالوا : يا أبا عبد الرحمن ، ألا ترى ما قد أحدث هذا الرجل ؟ فقال : بخ بخ فما تأمروني ؟ تريدون أن تكونوا مثل الروم وفارس إذا غضبوا على ملك قتلوه ، قد ولاه الله الذي ولاه فهو أعلم ؛ لست بقائل في شأنه شيئا

التالي السابق


الخدمات العلمية