إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
المسألة الثالثة

[ في شروط النسخ ]

للنسخ شروط :

( الأول ) : أن يكون المنسوخ شرعيا لا عقليا .

( الثاني ) : أن يكون الناسخ منفصلا عن المنسوخ ، متأخرا عنه ، فإن المقترن كالشرط ، والصفة ، والاستثناء لا يسمى نسخا بل تخصيصا .

( الثالث ) : أن يكون النسخ بشرع ، فلا يكون ارتفاع الحكم بالموت نسخا ، بل هو سقوط تكليف .

[ ص: 540 ] ( الرابع ) : أن لا يكون المنسوخ مقيدا بوقت ، أما لو كان كذلك فلا يكون انقضاء وقته الذي قيد به نسخا له .

( الخامس ) : أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في القوة ، أو أقوى منه ، لا إذا كان دونه في القوة ; لأن الضعيف لا يزيل القوي .

قال إلكيا : وهذا مما قضى به العقل ، بل دل الإجماع عليه ، فإن الصحابة لم ينسخوا نص القرآن بخبر الواحد .

وسيأتي لهذا الشرط مزيد بيان .

( السادس ) : أن يكون المقتضى للمنسوخ غير المقتضى للناسخ ، حتى لا يلزم البداء كذا قيل .

قال إلكيا : ولا يشترط بالاتفاق أن يكون اللفظ الناسخ ، متناولا لما تناوله المنسوخ ، أعني بالتكرار والبقاء ، ( إذ لا يمتنع ) فهم البقاء بدليل آخر سوى اللفظ .

( السابع ) : أن يكون مما يجوز نسخه ، فلا يدخل النسخ أصل التوحيد ; لأن الله سبحانه بأسمائه وصفاته لم يزل ولا يزال ، ومثل ذلك ما علم بالنص أنه يتأبد ولا يتأقت .

قال سليم الرازي : وكل ما لا يكون إلا على صفة واحدة ، كمعرفة الله ، ووحدانيته ، ونحوه فلا يدخله النسخ ، ومن هاهنا يعلم أنه لا نسخ في الأخبار ، إذ لا يتصور وقوعها على خلاف ما أخبر به الصادق ، وكذا قال إلكيا الطبري وقال : الضابط فيما ينسخ ما يتغير حاله من حسن إلى قبح .

قال الزركشي : واعلم أن في جواز نسخ الحكم المعلق بالتأبيد وجهين ، حكاهما الماوردي ، والروياني ، وغيرهما .

( أحدهما ) : المنع ; لأن صريح التأييد مانع من احتمال النسخ .

( والثاني ) : الجواز ، قالا : وأنسبهما الجواز ، قال ونسبه ابن برهان إلى معظم العلماء ، ونسبه أبو الحسين في المعتمد إلى المحققين ، قال : لأن العادة في لفظ التأبيد المستعمل في لفظ الأمر المبالغة لا الدوام .

التالي السابق


الخدمات العلمية