إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
المسألة السادسة

النسخ إلى بدل يقع على وجوه :

( الأول ) : أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في التخفيف والتغليظ ، وهذا لا خلاف فيه ، وذلك كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة .

( الثاني ) : نسخ الأغلظ بالأخف ، وهو أيضا مما لا خلاف فيه ، وذلك كنسخ العدة حولا بالعدة أربعة أشهر وعشرا .

( الثالث ) : نسخ الأخف إلى الأغلظ ; فذهب الجمهور إلى جوازه ، خلافا للظاهرية .

والحق الجواز والوقوع كما في نسخ وضع القتال في أول الإسلام بفرضه بعد ذلك ، ونسخ التخيير بين الصوم والفدية ، بفرضية الصوم . ونسخ تحليل . . . . [ ص: 546 ] الخمر بتحريمها ، ونسخ نكاح المتعة بعد تجويزها ، ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان .

واستدل المانعون بقوله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وبقوله : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها .

وأجيب : بأن المراد اليسر في الآخرة ، وهذا الجواب وإن كان بعيدا لكن وقوع النسخ في هذه الشريعة للأخف بالأغلظ يوجب تأويل الآية ، ولو بتأويل بعيد ، على أنه يمكن أن يقال : إن الناسخ والمنسوخ هما من اليسر ، والأغلظية في الناسخ إنما هي بالنسبة إلى المنسوخ ، وهو بالنسبة إلى غيره تخفيف ويسر .

وأما الجواب عن الآية الثانية فظاهر ; لأن الناسخ الأغلظ ثوابه أكثر ، فهو خير من المنسوخ من هذه الحيثية .

التالي السابق


الخدمات العلمية