المسألة التاسعة  
[ في  
وجوه نسخ القرآن والسنة     ]  
لا خلاف في جواز نسخ القرآن بالقرآن ، ونسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة ، وجواز نسخ الآحاد بالآحاد ، ونسخ الآحاد بالمتواتر .  
وأما نسخ القرآن ، أو المتواتر من السنة بالآحاد ، فقد وقع الخلاف في ذلك في الجواز والوقوع .  
أما الجواز عقلا فقال به الأكثرون ، وحكاه  
 nindex.php?page=showalam&ids=16026سليم الرازي  عن الأشعرية ، والمعتزلة .  
ونقل  
ابن برهان  في الأوسط الاتفاق عليه ، فقال : لا يستحيل عقلا نسخ الكتاب بخبر الواحد ، بلا خلاف ، وإنما الخلاف في جوازه شرعا .  
وأما الوقوع : فذهب الجمهور ، كما حكاه  
ابن برهان  وابن الحاجب   [ ص: 554 ] وغيرهما إلى أنه غير واقع .  
ونقل  
ابن السمعاني  ،  
وسليم  في التقريب الإجماع على عدم وقوعه ، وهكذا حكى الإجماع القاضي  
أبو الطيب  في شرح الكفاية والشيخ  
 nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاق الشيرازي  في اللمع .  
وذهب جماعة من أهل الظاهر منهم  
 nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم  إلى وقوعه ، وهي رواية عن  
أحمد     .  
وذهب القاضي في التقريب  
 nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ،   nindex.php?page=showalam&ids=11927وأبو الوليد الباجي  ،  
والقرطبي  إلى التفصيل بين زمان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وما بعده ، فقالوا بوقوعه في زمانه .  
احتج المانعون بأن الثابت قطعا لا ينسخه مظنون ، واستدل القائلون بالوقوع بما ثبت من أن  
أهل  قباء    لما سمعوا مناديه - صلى الله عليه وآله وسلم - وهم في الصلاة ، يقول ألا إن القبلة قد حولت إلى  
الكعبة   فاستداروا ولم ينكر ذلك عليهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .  
وأجيب بأنهم علموا بالقرائن .  
واستدل أيضا القائلون بالوقوع بأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يرسل رسله لتبليغ الأحكام ( وهم آحاد ) وكانوا يبلغون الأحكام المبتدأة وناسخها .  
ومن الوقوع نسخ قوله تعالى :  
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه  الآية بنهيه - صلى الله عليه وآله وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع      
[ ص: 555 ] ومخلب من الطير وهو آحاد .  
وأجيب : بأن المعنى لا أجد الآن والتحريم وقع في المستقبل .  
ومن الوقوع نسخ نكاح المتعة بالنهي عنها وهو آحاد ، ونحو ذلك كثير .  
ومما يرشدك إلى جواز النسخ بما صح من الآحاد لما هو أقوى متنا أو دلالة منها : أن الناسخ في الحقيقة إنما جاء رافعا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه ، وذلك ظني وإن كان دليله قطعيا ، فالمنسوخ إنما هو هذا الظني ، لا ذلك القطعي ، فتأمل هذا .