إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
المسلك الحادي عشر

تحقيق المناط

وهو أن يقع الاتفاق على علية وصف بنص ، أو إجماع ، فيجتهد في وجودها في [ ص: 642 ] صورة النزاع ، كتحقيق أن النباش سارق .

وسمي تحقيق المناط; لأن المناط وهو " الوصف " علم أنه مناط ، وبقي النظر في تحقيق وجوده في الصورة المعينة .

قال الغزالي : وهذا النوع من الاجتهاد لا خلاف فيه بين الأمة ، والقياس مختلف فيه ، فكيف يكون هذا قياسا ؟ .

واعلم أنهم قد جعلوا القياس من أصله ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

قياس علة .

وقياس دلالة .

وقياس في معنى الأصل .

فقياس العلة : ما صرح فيه بالعلة ، كما يقال في النبيذ : إنه مسكر فيحرم كالخمر .

وقياس الدلالة : هو أن لا يذكر فيه العلة ، بل وصف ملازم لها ، كما لو علل في قياس النبيذ على الخمر برائحة المشتد .

والقياس الذي في معنى الأصل : هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق ، وهو تنقيح المناط كما تقدم .

وأيضا قسموا القياس إلى جلي وخفي .

فالجلي : ما قطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع ، كقياس الأمة على العبد في أحكام العتق ، فإنا نعلم قطعا أن الذكورة والأنوثة فيها مما لم يعتبره الشارع ، وأنه لا فارق بينهما إلا ذلك ، فحصل لنا القطع بنفي الفارق .

والخفي بخلافه ، وهو ما يكون نفي الفارق فيه مظنونا ، كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة ، إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة ، ولذلك اختلفوا في تحريم النبيذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية