إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
بفتح الجيم ، أي القول بما أوجبه دليل المستدل .

قال في المحصول وحده تسليم ما جعله المستدل موجب العلة ، مع استبقاء الخلاف انتهى .

[ ص: 658 ] قال الزركشي في البحر : وذلك بأن يظن المعلل أن ما أتى به مستلزم لمطلوبه ، من حكم المسألة المتنازع فيها ، مع كونه غير مستلزم .

قال : وهذا أولى من تعريف الرازي له بموجب العلة; لأنه لا يختص بالقياس .

قال ابن المنير : حدوه بتسليم مقتضى الدليل ، مع بقاء النزاع فيه ، وهو غير مستقيم; لأنه يدخل فيه ما ليس منه ، وهو بيان غلط المستدل على إيجاب النية في الوضوء بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أربعين شاة شاة فقال المعترض : أقول بموجب هذا الدليل ، لكنه لا يتناول محل النزاع ، ( فهذا ينطبق عليه الحد ) وليس قولا بالموجب ; لأن شرطه أن يظهر عذر للمستدل في العلة ، فتمام الحد أن يقال : هو تسليم مقتضى الدليل مع بقاء النزاع ، حيث يكون للمستدل عذر معتبر .

ومن أنواع القول بالموجب : أن يذكر المستدل إحدى المقدمتين ، ويسكت على الأخرى ، ظنا منه أنها مسلمة ، فيقول الخصم بموجب المقدمة ، ويبقى على المنع لما عداها .

ومنها : أن يعتقد المستدل تلازما بين محل النزاع ، وبين محل آخر ، فينصب الدليل على ذلك المحل بناء منه على أن ما ثبت به الحكم في ذلك المحل يستلزم ثبوته في محل النزاع .

فيقول المعترض بالموجب ومنع الملازمة .

والفرق بينه وبين المعارضة أن حاصله يرجع إلى خروج الدليل عن محل النزاع ، والمعارضة فيها اعتراف بأن للدليل دلالة على محل النزاع .

قال إمام الحرمين ، وابن السمعاني : وهو سؤال صحيح إذا خرج مخرج الممانعة ، ولا بد في توجهه من شرط ، وهو أن يسند الحكم الذي ينصب له العلة إلى شيء ، مثل قول الحنفي في ماء الزعفران : ماء خالطه طاهر ، والمخالطة لا تمنع صحة الوضوء . فيقول المعترض : المخالط لا يمنع ، لكنه ليس بماء مطلق .

[ ص: 659 ] قال في المنخول : الأصوليون يقولون تارة : إن القول بالموجب ليس اعتراضا ، وهو لعمري كذلك ، فإنه لا يبطل العلة; لأنها إذا جرت العلة وحكمها مختلف فيه; فلأن تجري وحكمها متفق عليه أولى .

واختلفوا هل يجب على المعترض إبداء سند القول بالموجب أم لا ؟

فقيل : يجب لقربه إلى ضبط الكلام ، وصونه عن الخبط ، وإلا فقد يقول بالموجب على سبيل العناد .

وقيل : لا يجب ; لأنه قد وفى بما عليه ، وعلى المستدل الجواب ، وهو أعرف بمآخذ مذهبه ، قال الآمدي وهو المختار .

التالي السابق


الخدمات العلمية