إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
النوع الثالث : في تقسيم الخبر

اعلم أن الخبر من حيث هو محتمل للصدق والكذب ، لكن قد يقطع بصدقه ، وقد يقطع بكذبه ; لأمور خارجة ، وقد لا يقطع بواحد منهما ; لفقدان ما يوجب القطع ، فهذه ثلاثة أقسام :

القسم الأول : المقطوع بصدقه ، وهو إما أن يعلم بالضرورة ، أو النظر ، فالمعلوم بالضرورة بنفسه ، وهو المتواتر ، أو بموافقة العلم الضروري ، وهي الأوليات ، كقولنا : الواحد نصف الاثنين ، وأما المعلوم بالنظر فهو ضربان :

الأول : أن يدل الدليل على صدق الخبر نفسه ، فيكون كل من يخبر به صادقا ، كقولنا : العالم حادث .

والضرب الثاني : أن يدل الدليل على صدق المخبر ، فيكون كل ما يخبر به صدقا وهو ضروب :

الأول : خبر من دل الدليل على أن الصدق وصف واجب له ، وهو الله عز وجل .

الثاني : من دلت المعجزة على صدقه ، وهم الأنبياء صلوات الله عليهم .

الثالث : من صدقه الله سبحانه أو رسوله ، وهو خبر كل الأمة على القول بأن الإجماع حجة قطعية .

[ ص: 166 ] القسم الثاني : المقطوع بكذبه ، وهو ضروب :

الأول : المعلوم خلافه إما بالضرورة ، كالإخبار باجتماع النقيضين ، أو ارتفاعهما . الثاني : المعلوم خلافه إما بالاستدلال ، كالإخبار بقدم العالم ، أو بخلاف ما هو من قطعيات الشريعة .

الثالث : الخبر الذي لو كان صحيحا لتوفرت الدواعي على نقله متواترا إما لكونه من أصول الشريعة ، وإما لكونه أمرا غريبا ، كسقوط الخطيب عن المنبر وقت الخطبة .

الرابع : خبر مدعي الرسالة من غير معجزة .

الخامس : كل خبر استلزم باطلا ، ولم يقبل التأويل ، ومن ذلك الخبر الآحادي إذا خالف القطعي كالمتواتر .

القسم الثالث : ما لا يقطع بصدقه ولا كذبه ، وذلك كخبر المجهول ، فإنه لا يترجح صدقه ولا كذبه ، وقد يترجح صدقه ولا يقطع بصدقه ، وذلك كخبر العدل ، وقد يترجح كذبه ولا يقطع بكذبه ، كخبر الفاسق .

انقسام الخبر إلى متواتر وآحاد

التالي السابق


الخدمات العلمية