إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

صفحة جزء
خاتمة

قول القائل : لا أعلم خلافا بين أهل العلم في كذا قال الصيرفي لا يكون إجماعا لجواز الاختلاف ، وكذا قال ابن حزم في الإأحكام ، وقال في كتاب الإعراب أن الشافعي نص عليه في الرسالة وكذلك أحمد بن حنبل ، وقال ابن القطان : قول القائل لا أعلم خلافا إن كان من أهل العلم فهو حجة ، وإن لم يكن من الذين كشفوا الإجماع والاختلاف فليس بحجة .

وقال الماوردي : إذا قال لا أعرف بينهم خلافا ، فإن لم يكن من أهل الاجتهاد وممن أحاط بالإجماع والاختلاف لم يثبت الإجماع بقوله ، وإن كان من أهل الاجتهاد فاختلف أصحابنا فأثبت الإجماع به قوم ، ونفاه آخرون .

قال ابن حزم : وزعم قوم أن العالم إذا قال لا أعلم خلافا ، فهو إجماع ، وهو قول فاسد ، ولو قال ذلك محمد بن نصر المروزي ، فإنا لا نعلم أحدا أجمع منه لأقاويل أهل العلم ، ولكن فوق كل ذي علم عليم ، وقد قال الشافعي في زكاة البقر : [ ص: 279 ] لا أعلم خلافا في أنه ليس في أقل من ثلاثين منها تبيع ، والخلاف في ذلك مشهور ، فإن قوما يرون الزكاة على خمس كزكاة الإبل .

وقال مالك في موطئه ، وقد ذكر الحكم برد اليمين : وهذا مما لا خلاف فيه بين أحد من الناس ، ولا بلد من البلدان ، والخلاف فيه شهير . وكان عثمان رضي الله عنه لا يرى رد اليمين ، ويقضي بالنكول ، وكذلك ابن عباس ، ومن التابعين الحكم ، وغيره وابن أبي ليلى وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وهم كانوا القضاة في ذلك الوقت ، فإذا كان مثل من ذكرنا يخفى عليه الخلاف فما ظنك بغيره ؟ ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية