تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
6247 - (ت ق) : موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي العلوي ، أبو الحسن المدني الكاظم .

روى عن : أبيه جعفر بن محمد الصادق ( ت ق ) ، وعبد الله بن دينار ، وعبد الملك بن قدامة الجمحي .

روى عنه : أولاده إبراهيم بن موسى بن جعفر ، وإسماعيل بن موسى بن جعفر ، وحسين بن موسى بن جعفر ، وصالح بن يزيد ، وأخوه علي بن جعفر ( ت ) ، وابنه علي بن موسى بن جعفر أبو الحسن الرضى ( ق ) ، وأخوه محمد بن جعفر ، ومحمد بن صدقة العنبري .

قال أبو حاتم : ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين .

[ ص: 44 ] أخبرنا يوسف بن يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال : يقال : إنه ولد بالمدينة في سنة ثمان وعشرين ومائة ، وأقدمه المهدي بغداد ، ثم رده إلى المدينة ، وأقام بها إلى أيام الرشيد ، فقدم هارون منصرفا من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين - يعني ومائة فحمل موسى معه إلى بغداد ، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه .

وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال : حدثني جدي ، وهو أبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسجد سجدة في أول الليل فسمع ، وهو يقول في سجوده عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فجعل يرددها حتى أصبح ، وكان سخيا كريما ، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها [ ص: 45 ] ألف دينار ، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة ، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى .

وبه ، قال : أخبرنا الحسن ، قال : أخبرنا الحسن ، قال : حدثني جدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن عبد الله البكري قال : قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني ، فقلت : لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه فأتيته بنقمى في ضيعته ، فخرج إلي ومعه غلام له معه منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره ، فأكل وأكلت معه ثم سألني عن حاجتي ، فذكرت له قصتي ، فدخل فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج إلي فقال لغلامه : اذهب ثم مد يده إلي فدفع إلي صرة فيها ثلاثمائة دينار ، ثم قام فولى فقمت فركبت دابتي ، وانصرفت .

قال الحسن ، قال جدي يحيى بن الحسن ، وذكر لي غير واحد من أصحابنا أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا ، قال وكان قد قال له بعض حاشيته دعنا نقتله فنهاهم عن ذلك أشد النهي ، وزجرهم أشد الزجر ، وسأل عن العمري فذكر له أنه يزدرع بناحية من نواحي المدينة فركب [ ص: 46 ] إليه في مزرعته ، فوجده فيها ، فدخل المزرعة بحماره ، فصاح به العمري لا توطئ زرعنا فوطأه الحمار حتى وصل إليه ، فنزل فجلس عنده وضاحكه ، وقال له كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له : مائة دينار ، قال : فكم ترجو أن تصيب؟ قال : أنا لا أعلم الغيب ، قال : إنما قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه قال أرجو أن يجيئني مائتا دينار ، قال فأعطاه ثلاثمائة دينار ، وقال هذا زرعك على حاله . قال فقام العمري فقبل رأسه وانصرف ، قال فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، قال فوثب أصحابه فقالوا له ما قصتك قد كنت تقول خلاف هذا؟ قال فخاصمهم وشاتمهم قال وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج ، قال فقال أبو الحسن : لحامته الذين أرادوا قتل العمري أيما كان خير ؟ ما أردتم ، أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار .

وبه ، قال : أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، وعمر بن محمد بن عبيد الله المؤدب ، قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبد المجيد الكناني الليثي ، قال : حدثني عيسى بن محمد بن مغيث القرشي ، وبلغ تسعين سنة قال : زرعت بطيخا وقثاء وقرعا في موضع بالجوانية على بئر يقال لها أم عظام ، فلما قرب [ ص: 47 ] الخير واستوى الزرع بيتني الجراد ، فأتى على الزرع كله ، وكنت غرمت على الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينارا ، فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر بن محمد ، فسلم ثم قال : أيش حالك ؟ فقلت : أصبحت كالصريم بيتني الجراد فأكل زرعي قال : وكم غرمت فيه ؟ قلت مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين ، فقال : يا عرفة زن لابن المغيث مائة وخمسين دينارا نربحك ثلاثين دينارا والجملين ، فقلت : يا مبارك ادخل وادع لي فيها ، فدخل ودعا وحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : تمسكوا ببقايا المصائب ثم علقت عليه الجملين وسقيته فجعل الله فيها البركة ، زكت فبعت منها بعشرة آلاف .

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي ، قال وذكر إدريس بن أبي رافع ، عن محمد بن موسى قال : خرجت مع أبي إلى ضياعه بسايه ، فأصبحنا في غداة باردة ، وقد دنونا منها ، وأصبحنا عند عين من عيون سايه ، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستذفر بخرقة على رأسه قدر فخار يفور ، فوقف على الغلمان فقال : أين سيدكم؟ قالوا : هو ذاك ، قال أبو من يكنى ؟ قالوا له : أبو الحسن . قال فوقف عليه فقال : يا سيدي يا أبا الحسن هذه [ ص: 48 ] عصيدة أهديتها إليك . قال : ضعها عند الغلمان ، فأكلوا منها . قال ثم ذهب فلم نقل بلغ حتى خرج على رأسه حزمة حطب حتى وقف ، فقال له يا سيدي هذا حطب أهديت إليك قال ضعه عند الغلمان ، وهب لنا نارا فذهب فجاء بنار ، قال فكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إلي ، وقال يا بني احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها ، قال فوردنا إلى ضياعه ، وأقام بها ما طاب له ثم قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت ، قال : فخرجنا حتى وردنا مكة ، فلما قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعدا فقال : اذهب فاطلب لي هذا الرجل فإذا علمت بموضعه فأعلمني حتى أمشي إليه ، فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي ، قال صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل فلما رآني عرفني ، وكنت أعرفه ، وكان يتشيع فلما رآني سلم علي ، وقال أبو الحسن قدم ؟ قلت : لا . قال فأيش أقدمك ؟ قلت : حوائج ، وكان قد علم بمكانه بسايه ، فتتبعني وجعلت أتقصى منه ، ويلحقني بنفسه فلما رأيت أني لا أنفلت منه ، مضيت إلى مولاي ، ومضى معي حتى أتيته فقال لي : ألم أقل لك لا تعلمه فقلت جعلت فداك لم أعلمه ، فسلم عليه فقال له أبو الحسن غلامك فلان تبيعه ؟ قال له جعلت فداك الغلام لك ، والضيعة وجميع ما أملك قال : أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها ، وقد حدثني أبي عن جدي أن بائع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق ، قال فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار ، وأعتق العبد [ ص: 49 ] ووهب له الضيعة ، قال إدريس بن أبي رافع فهو ذا ولده في الصرافين بمكة .

وبه قال : حدثني الحسن بن محمد الخلال ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثنا عون بن محمد ، قال : سمعت إسحاق الموصلي غير مرة يقول : حدثني الفضل بن الربيع ، عن أبيه أنه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو يقول يا محمد فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ، قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك فجئته ، فإذا هو يقرأ هذه الآية ، وكان أحسن الناس صوتا ، وقال : علي بموسى بن جعفر ، فجئته به فعانقه ، وأجلسه إلى جنبه ، وقال يا أبا الحسن إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا ، فتؤمني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي ، فقال : والله لا فعلت ذاك ولا ، هو من شأني قال : صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ، ورده إلى أهله إلى المدينة ، قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق .

وبه قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، قال : حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا الحسين بن القاسم ، قال : حدثني أحمد بن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم زائرا له وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى [ ص: 50 ] ابن جعفر ، فلما انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ، افتخارا على من حوله فدنا موسى بن جعفر ، فقال : السلام عليك يا أبة فتغير وجه هارون ، وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقا .

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي ، قال : حدثني عمار بن أبان قال : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي بن شاهك فسألته أخته أن تولى حبسه ، وكانت تدين ، ففعل فكانت تلي خدمته فحكي لنا أنها قالت كان إذا صلى العتمة حمد الله عز وجل ، ومجده ، ودعاه ، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل ، فإذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح ، ثم يذكر قليلا حتى تطلع الشمس ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثم يتهيأ ، ويستاك ، ويأكل ، ثم يرقد إلى قبل الزوال ، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب ، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه فكانت أخت السندي ، إذا نظرت إليه قالت خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل ، وكان عبدا صالحا .

وبه قال : أخبرنا الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد الحصيني ، قال : حدثني أحمد بن إسماعيل قال بعث موسى بن جعفر إلى الرشيد من الحبس برسالة كانت : إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم [ ص: 51 ] ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون .

وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي قال ، قال أبو موسى العباسي حدثني إبراهيم بن عبد السلام بن السندي بن شاهك ، عن أبيه قال كان موسى بن جعفر عندنا محبوسا فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فأدخلناهم عليه فأشهدناهم على موته ، وأحسبه قال : ودفن في مقابر الشونيزيين .

وبه قال : أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا القاضي أبو بكر بن عمر بن سلم الحافظ ، قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدثنا علي بن محمد الصنعاني ، قال : قال محمد بن صدقة العنبري : توفي موسى بن جعفر بن محمد بن علي سنة ثلاث وثمانين ومائة .

قال غيره لخمس بقين من رجب .

وقد تقدم ذكر مولده في أوائل الترجمة .

[ ص: 52 ] روى له الترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية