تهذيب الكمال في أسماء الرجال

المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

صفحة جزء
7533 - ( قد فق) : أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان ، واسمه عمرو بن عبد الله بن الحصين بن الحارث بن جلهم ، ويقال جلهمة بن خزاعي ، ويقال : جلهم بن حجر بن خزاعي بن مالك بن مازن بن عمرو بن تميم بن مر التميمي المازني البصري المقرئ ، أحد الأئمة القراء السبعة ، اختلف في اسمه ، فقيل : [ ص: 121 ] زبان ، وقيل : العريان ، وقيل : يحيى ، وقيل : جزء ، وقيل : اسمه كنيته .

وقال أبو عبد الله بن منده : أمه عائشة بنت عبد الرحمن بن ربيعة بن بكر من بني حنيفة .

قرأ القرآن على : حميد بن قيس الأعرج المكي ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن كثير ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومجاهد بن جبر المكي ، ويحيى بن يعمر .

وقرأ عليه : أحمد بن موسى اللؤلؤي ، وحسين بن علي الجعفي ، وحماد بن زيد ، وخارجة بن مصعب ، وداود بن يزيد الأودي ، وأبو سعيد بن أوس الأنصاري ، وسهل بن يوسف ، وأبو نعيم شجاع بن أبي نصر البلخي ، العباس بن الفضل الأنصاري قاضي الموصل ، وأبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي ، وعبيد الله بن موسى ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وعبيد بن عقيل الهلالي ، وعلي بن نصر الجهضمي الكبير ، ومحبوب بن الحسن ، ومعاذ بن معاذ ، وهارون الأعور ، ويحيى بن المبارك اليزيدي ، ويونس بن حبيب النحوي .

وروى عن : أنس بن مالك ، وإياس بن جعفر البصري ، وبديل بن ميسرة العقيلي ، وجعفر بن زيد العبدي ، وجعفر بن محمد الصادق ، والحسن البصري ، وداود بن أبي هند ، وذكوان أبي [ ص: 122 ] صالح الزيات ، وذي الرمة الشاعر واسمه غيلان بن عقبة ، والذيال بن حرملة ، ورؤبة بن العجاج الراجز ، وصخر بن جويرية وهو من أقرانه ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبيه العلاء بن عمار ، وفرقد السبخي ، مجاهد ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وأبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، ومغيرة بن مقسم الضبي ، ونافع مولى ابن عمر ، ونهشل بن سعيد الخراساني ، وهشام بن عروة ، والوليد بن السمط ، ويعلى بن حكيم ، ويونس بن عبيد ، وأبي رجاء العطاردي .

وروى عنه : إسحاق بن مرار ، وأبو عمرو الشيباني النحوي ، والحسين بن واقد المروزي ، وأبو أسامة حماد بن أسامة ، وحماد بن زيد ( قد ) ، وأبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري ، وسلام بن سليمان بن سوار المدائني ، وعمه شبابة بن سوار المدائني ، وأبو نعيم شجاع بن أبي نصر البلخي ، وشراحيل بن عبيد الله السعدي ، وشريك بن عبد الله النخعي ، وشعبة بن الحجاج ، وشعيب بن إسحاق الدمشقي ، وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبيد بن عقيل الهلالي ( قد ) ، وعفان بن سيار الجرجاني ، وعيسى بن يونس ، وأخوه معاذ بن العلاء ، ومعتمر بن سليمان ، ومعمر بن راشد ، وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، وأبو فيد مؤرج بن عمرو السدوسي ، وهارون بن موسى النحوي الأعور ( قد فق ) ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن حفص الأسدي الرازي المقرئ النحوي ، وأبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ، ويعلى بن عبيد الطنافسي ، [ ص: 123 ] ويونس بن حبيب النحوي ، وأبو بحر البكراوي .

قال أبو بكر بن مجاهد المقرئ : أخبرني أبو عبد الله بن شارك ، أحسبه عن أبي محمد القصاص ، قال : كان ولد العلاء بن عمار أربعة نفر ، فمنهم : أبو سفيان واسمه شقيق بن العلاء ، ومعاذ بن العلاء ، وأبو حفص عمر بن العلاء ، وأبو عمرو زيان بن العلاء وكان آخرهم موتا أبو عمرو بن العلاء .

وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : أبو عمرو بن العلاء ثقة ، وأبو سفيان بن العلاء ، ومعاذ بن العلاء هؤلاء إخوة أبي عمرو بن العلاء .

وقال أبو حاتم الرازي : كان لأبي عمرو بن العلاء أخ يقال له أبو سفيان ، سئل يحيى بن معين عنهما فقال : ليس بهما بأس .

وقال أبو خيثمة زهير بن حرب : كان أبو عمرو بن العلاء رجلا لا بأس به، ولكنه لم يحفظ .

وقال شجاع بن أبي نصر ، عن أبي عمرو بن العلاء : رآني سعيد بن جبير وأنا جالس مع الشباب ، فقال : ما يجلسك مع الشباب، عليك بالشيوخ .

وقال نصر بن علي الجهضمي، عن الأصمعي : سمعت [ ص: 124 ] أبا عمرو بن العلاء يقول : كنت رأسا والحسن حي .

وقال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي ، عن عمه : قال أبو عمرو : نظرت في هذا العلم قبل أن أختن . قال : وهو حينئذ ابن أربع وثمانين .

وقال ثعلب : سمعت أبا عمرو الشيباني ، يقول : ما رأينا مثل أبي عمرو بن العلاء رحمة الله عليه .

وقال أبو العيناء محمد بن القاسم ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى : كان أبو عمرو بن العلاء أعلم الناس بالقرآن والعربية والعرب وأيامها ، والشعر ، وأيام الناس ، وكان ينزل خلف دار جعفر بن سليمان الهاشمي ، وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف ، ثم تنسك ، فأحرقها ، وقال فيه الفرزدق :

ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها * حتى أتيت أبا عمرو بن عمار

وقال أبو العيناء ، عن الأصمعي : قال لي أبو عمرو بن العلاء : لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري من العلم في صدرك لفعلته . قال : وقال : لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها . قال : وسمعت أبا عمرو يقول : لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قرئ لقرأت حرف كذا وكذا ، وذكر حروفا .

[ ص: 125 ] وقال أبو بكر بن مجاهد : كان أبو عمرو مقدما في عصره ، عالما بالقراءة ووجوهها ، قدوة في العلم باللغة ، إمام الناس في العربية ، وكان مع علمه باللغة وفقهه في العربية متمسكا بالآثار لا يكاد يخالف في اختياره ما جاء عن الأئمة قبله ، متواضعا في علمه . قرأ على أهل الحجاز ، وسلك في القراءة طريقهم ، ولم تزل العلماء في زمانه تعرف له تقدمه وتقر له بفضله ، وتأتم في القراءة بمذاهبه . وكان حسن الاختيار ، سهل القراءة ، غير متكلف ، يؤثر التخفيف ما وجد إليه السبيل . وكان في عصره بالبصرة جماعة من أهل العلم بالقراءة لم يبلغوه منهم : عبد الله بن أبي إسحاق ، وعاصم بن أبي صباح الجحدري أبو المجشر ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وكل هؤلاء أهل فصاحة أيضا ، ولم يحفظ عنهم في القراءة ما حفظ عن أبي عمرو . وإلى قراءة أبي عمرو صار أهل البصرة أو أكثرهم .

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا شجاع بن أبي نصر ، وكان صدوقا مأمونا قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو ، فما رد علي إلا حرفين .

وقال نصر بن علي الجهضمي ، عن أبيه : قال لي شعبة : انظر ما يقرأ به أبو عمرو ما يختاره لنفسه ، فاكتبه ، فإنه سيصير للناس أستاذا .

وقال أبو مزاحم الخاقاني ، عن إبراهيم الحربي : كان أهل البصرة يعني أهل العربية منهم أصحاب الهوى إلا أربعة ، فإنهم كانوا أصحاب سنة : أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، [ ص: 126 ] ويونس بن حبيب، والأصمعي .

وقال أبو بكر الصولي : حدثنا الحزنبل ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي محمد اليزيدي ، عن أبيه . قال الصولي : وحدثنا أبو خليفة الفضل بن حباب ، عن محمد بن سلام ، عن محمد بن حفص ، قالا : تكلم عمرو بن عبيد في الوعيد سنة ، فقال أبو عمرو : إنك لألكن الفهم ، إذ صيرت الوعيد في أعظم شيء مثله في أصغر شيء ، فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء ، وإنما نهى الله عنهما ليتم حجته على خلقه ، ولئلا يعدل عن أمره وطاعته ، ووراء وعيده عفوه ووسيع كرمه ، وأنشد أبو عمرو :

لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي * ولا أختشي من صوله المتهدد

وإني وإن أوعدته ووعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

فقال له عمرو : صدقت ، إن العرب تمتدح بالوفاء بالوعد دون الوعيد ، وقد تمتدح بالوفاء بهما ، ألم تسمع قول الشاعر :

إن أبا خالد لمجتمع الرأي * شريف الأفعال والبيت

لا يخلف الوعد والوعيد ولا * يبيت من ثأره على فوت

قال عمرو : " قد وافق هذا قول الله عز وجل : ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ) الآية ( 5 ) . [ ص: 127 ] فقال أبو عمرو : قد وافق الأول أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث يفسر القرآن .

وقال هارون بن موسى ( قد فق ) ، عن عمرو ، عن الحسن ، وعن أبي عمرو : ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) قال أبو عمرو : إنما يهلك في الموت ويهلك في الصلب .

وقال حماد بن زيد ( قد ) : سألت أبا عمرو بن العلاء عن القدر ، فقال : ثلاث آيات في القرآن ( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) ، ( فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) ، ( فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله ) .

وقال عبيد بن عقيل ( قد ) في قراءة أبي عمرو : وما يشعركم أنها مكسورة إذا جاءت : لا يؤمنون .

وقال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي ، عن عمه : أنشدنا أبو عمرو بن العلاء ، قال : سمعت أعرابيا ينشد ، وقد كنت خرجت إلى ظاهر البصرة متفرجا مما نالني من طلب الحجاج لي واستخفائي منه : [ ص: 128 ]

صبر النفس عند كل ملم * إن في الصبر حيلة المحتال

لا تضيقن في الأمور فقد يكـ * شف لأواؤها بغير احتيال

ربما تجزع النفوس له من الأمـ * ر فرجة كحل العقال

قد تصاب الجبال في آخر الصفـ * ف وينجو مقارع الأبطال

فقلت : ما وراءك يا أعرابي ؟ قال : مات الحجاج . فلم أدر بأيهما أفرح بموت الحجاج أو بقوله " فرجة " ، لأني كنت أطلب شاهدا لاختياري القراءة في سورة البقرة ( إلا من اغترف غرفة ) .

وقال أيضا ، عن عمه : قال لي أبو عمرو بن العلاء : يا عبد الملك كن من الكريم على حذر إذا أهنته ، ومن اللئيم إذا أكرمته ، ومن العاقل إذا أحرجته ، ومن الأحمق إذا مازحته ، ومن الفاجر إذا عاشرته ، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك ، أو تسل من لا يجبك ، أو تحدث من لا ينصت لك .

وقال محمد بن يونس الكديمي ، عن الأصمعي : مرض أبو عمرو بن العلاء مرضة ، فأتى أصحابه إلا رجلا منهم ، ثم جاءه بعد ذلك ، فقال : إني أريد أن أسامرك الليلة . فقال : أنت معافى وأنا مبتلى ، والعافية لا تدعك تسهر ، والبلاء لا يدعني أنام ، والله أسأل أن يسوق إلى أهل العافية الشكر ، وإلى أهل البلاء الأجر .

وقال محمد بن إبراهيم بن الحسن ، عن الأصمعي : حدثنا أبو عمرو بن العلاء ، قال : قيل لرجل طال عمره : أتحب الموت ؟ قال : لا . قيل : ولم وقد ذهب عنك شهوة النساء والطعام . قال : [ ص: 129 ] أحب أن أسمع الأعاجيب .

وقال محمد بن تميم النهشلي ، عن الأصمعي : قال أبو عمرو بن العلاء : كنت في ضيعتي ، فاشتد علي الحر فبينا أنا أدور فيها نصف النهار إذ سمعت قائلا يقول :


وإن امرأ دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور



قال : فنقشته على خاتمي . فكان نقش خاتمه .

وقال زكريا بن يحيى المنقري ، عن الأصمعي : كان على خاتم أبي عمرو بن العلاء :


وإن امرأ دنياه أكبر همه     لمستمسك منها بحبل غرور



وقال أبو عوانة الإسفراييني ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء : ما تشاتم رجلان قط إلا غلب المهمل .

وقال أبو العيناء ، عن الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء : من عرف فضل من فوقه عرف له من ذويه ، ومن جحد جحد .

قال محمد بن صالح ابن النطاح ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى : خرج أبو عمرو بن العلاء إلى دمشق إلى عبد الوهاب بن إبراهيم يجتديه ، ثم رجع فمات بالكوفة . قال أبو عبيدة : فحدثني يونس أن أبا عمرو كان يغشى عليه ويفيق ، فأفاق من غشية له فإذا ابنه بشر يبكي ، فقال : ما يبكيك وقد أتت علي أربع وثمانون سنة .

[ ص: 130 ] وقال أبو بكر بن مجاهد : حدثونا عن الأصمعي ، قال : توفي أبو عمرو وهو ابن ست وثمانين .

وحكى أبو سليمان بن زبر ، عن ابن قتيبة : أن أبا عمرو بن العلاء مات سنة أربع وخمسين ومائة ، وهو مسافر في طريق الشام .

وقال خليفة بن خياط : سنة سبع وخمسين ومائة فيها مات أبو عمرو وأبو سفيان ابنا العلاء .

روى له أبو داود في " القدر " ، وابن ماجه في " التفسير " .

التالي السابق


الخدمات العلمية