صفحة جزء
[ ص: 306 ] 124 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في النذر أنه لا يؤخر شيئا

837 - حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب قال : سمعت سفيان يحدث عن منصور ، عن عبد الله بن مرة ، عن عبد الله بن عمر قال : { نهانا رسول الله عليه السلام عن النذر وقال : إنه لا يؤخر شيئا ولكن يستخرج به من البخيل } .

838 - حدثنا ابن معبد ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن عبد الله بن مرة ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... مثله ، إلا أنه قال : { يستخرج به من الشحيح } .

839 - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي ، حدثنا [ ص: 307 ] الهيثم بن جميل ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن منصور ، عن عبد الله بن مرة ، عن ابن عمر قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر ، وأمر بالوفاء به } .

ففيما روينا في هذا الحديث نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر فاحتمل أن يكون نهيه عنه إذا كان لا يؤخر شيئا ولم يكن نهيه عنه لأنه معصية ، ولكن أنه يراد به ما لا يعمل فيه شيئا ، والدليل على ذلك أمره عليه السلام بالوفاء به على ما في حديث شريك ، وقوله في حديث سفيان : ولكن يستخرج به من البخيل ، أو من الشحيح ، وقد قال الله تعالى ذلك في كتابه : يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا أي إن لم يفوا به عقوبة لهم على ترك ذلك .

840 - حدثنا يونس أيضا ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو يحيى بن سليمان الخزاعي ، قال يونس - يعني فليحا - : أن سعيد بن الحارث ، حدثه أنه سمع ابن عمر وأتاه رجل من بني كعب يقال له مسعود بن عمرو فقال له : يا أبا عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله التيمي وإنه وقع بالبصرة طاعون شديد ، فلما بلغني ذلك نذرت إن الله جاء بابني أن يمشي إلى الكعبة ، فقدم مريضا فمات فما ترى ؟ فقال ابن عمر : أولم تنهوا عن النذر ؟! [ ص: 308 ] إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخره وإنما يستخرج بالنذر من البخيل ، أوف بنذرك } قال : إنما نذرت أن يمشي ابني ! قال : أوف بنذرك ، فقلت للخزاعي : ائت ابن المسيب ثم أخبرني بما يقول : فأخبرني أنه قال له امش عن ابنك ، فقلت له : ترى ذلك مجزيا عنه ، قال : نعم ، أرأيت لو ترك ابنك دينا فقضيته عنه أترى ذلك مجزيا عنه ؟ قال : قلت : نعم .

841 - حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا فليح ... ثم ذكر بإسناده مثله .

وقد روي عن أبي هريرة ، عن النبي عليه السلام في هذا الباب

[ ص: 309 ]

842 - ما حدثنا يونس ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه ولكنه شيء أستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لا يؤتيني على البخل } .

[ ص: 310 ]

843 - وما حدثنا فهد ، حدثنا القعنبي أخبرنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن النذر لا يقرب لابن آدم شيئا لم يكن قدر ، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن يريد أن يخرجه } .

وما في حديث أبي هريرة هذا في النذر أنه لا يقدم شيئا كمثل ما في حديث ابن عمر من هذا المعنى .

وفيما رويناه عنهما { عن رسول الله عليه السلام إخباره الناس أن ما ينذرون لا يقرب شيئا مما لم يقدر } ، ودليل على أن النهي المذكور في حديث ابن عمر إنما أريد به إعلامهم أن لا ينذروا لهذا المعنى الذي يلتمسون به تقريب ما يحبون ، وليس في ذلك ما يدل على أن نفس النذر الذي يطلبون به القربة إلى الله تعالى مما قد نهوا عنه ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية