1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل حديث النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا
صفحة جزء
[ ص: 35 ] 154 - باب بيان مشكل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن صاحبكم خليل الله

999 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا .

1000 - حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن أبي الأحوص ، [ ص: 36 ] عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله ، وزاد : ولكن أخي وصاحبي .

1001 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت يعلى بن حكيم يحدث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة ، فجلس على المنبر فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس أحد من الناس أمن علي بنفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل . سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر .

1002 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثني مالك بن أنس ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين قال : يونس أحسبه ، [ ص: 37 ] عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا .

1003 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثني عمي عبد الله بن وهب قال : أخبرني مالك ، عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله .

قال أبو جعفر : ففيما روينا من هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعلامه الناس أنه لو كان متخذا خليلا لاتخذ أبا بكر خليلا ، وفي ذلك ما يدفع أن يكون أحد من الناس سواه له خليلا ، وقد كان قوم ينكرون على من يروي عنه من أصحابه رضوان الله عليهم قولهم : سمعت خليلي ، وقال خليلي ، فممن روي عنه إنكاره ذلك على من كان يقول منهم عامر الشعبي .

كما حدثنا أحمد بن علي بن عبد الأعلى البغدادي المعروف بجحيش قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا قال : حدثنا عاصم قال : قلت للشعبي : إن حفصة كانت تحدثنا عن أم عطية فتقول : حدثني خليلي يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقال الشعبي : هذا من عقول النساء . أولم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته : من كانت بيني وبينه [ ص: 38 ] خلة فقد رددتها عليه ، ولو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلا ؟

قال أبو جعفر : ثم كشفنا عن الخليل في هذا ما هو إذ كان الخليل في كلام العرب قد يكون من الخلة التي هي الصداقة ، وقد يكون من اختلال الأحوال .

1004 - فوجدنا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبرأ إلى كل خليل من خلته ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر .

1005 - ووجدنا بكار بن قتيبة قد حدثنا قال : حدثنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرة ، عن أبي الأحوص [ ص: 39 ] قال : قال عبد الله : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبرأ إلى كل خليل من خلته ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله .

قال أبو جعفر : فكان فيما روينا من هذا دليل على أن الخليل المذكور في هذه الآثار هو الصديق لا الفقير ، وأن المعنى الذي سمي به خليلا فيها هو الصداقة والمودة لا ما سواهما ، وقد وجدنا هذا مكشوفا .

1006 - كما حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن أبي المعلى ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة ، ولكن ود إيمان مرتين ، ولكن صاحبكم خليل الله .

[ ص: 40 ]

1007 - ووجدنا يونس قد حدثنا قال : حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الملك بن عمير ، عن بعض بني أبي المعلى وهو رجل من الأنصار ، عن أبيه وكان رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا منكم خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن ود وإخاء إيمان ، وإن صاحبكم خليل الله .

قال أبو جعفر : فكان ما في هذه الآثار دليلا على ما ذكرنا ، وقد رويت هذه الآثار بمعنى زائد على المعاني التي ذكرناها فيها في هذا الباب .

1008 - كما قد حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن صاحبكم خليل الله .

وكما حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا [ ص: 41 ] المسعودي ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله في قول الله عز وجل : واتخذ الله إبراهيم خليلا : ألا وإن صاحبكم خليل الله ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة أكرم الخلائق على الله ، وتلا عبد الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا .

قال أبو جعفر : فاحتجنا إلى الوقوف على معنى ما أضيف من ذلك إلى الله عز وجل ، فوجدنا قائلا قد قال : المراد بخليل الله عز وجل في هذا فقير الله الذي لم يجعل فقره وفاقته إلا إليه لا إلى أحد من خلقه . ووجدنا غيره قد قال في ذلك : إنه المحب الذي لا خلل في محبته . ووجدنا غيره قد قال : هو المختص بالمحبة دون غيره من الناس .

وكل هذه التأويلات محتملات لما تؤولت عليه .

وقال غيرهم : إنها الموالاة . كأنهم يذهبون إلى أن الله عز وجل جعله له وليا ولاية لا ولاية فوقها ولا ولاية مثلها ، فاستحق بذلك إطلاق اسم الخليل من الخلة له .

واستدلوا على ما قالوا في ذلك .

1009 - كما حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن [ ص: 42 ] عبد الله بن الزبير قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم أبي خليل ربي عز وجل . ثم قرأ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا الآية .

[ ص: 43 ] وقالوا : فلما كان الله عز وجل له خليلا لم يجز أن يكون ذلك إلا من الخلة التي هي نهاية المحبة ، وإذا كان المعنى في أن الله عز وجل له خليل هو هذا المعنى كان المعنى الذي كان به خليلا لله عز وجل هو ذلك المعنى أيضا ، والله أعلم بمراده في ذلك .

قال أبو جعفر : ومما استدل به على استواء الولاية من الله عز وجل من خلقه ، ومعنى من يتولى الله عز وجل من خلقه أن الله عز وجل قال : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية . وقال : إن وليي الله الذي نـزل الكتاب وهو يتولى الصالحين . وقال : أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين . وقال : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

في أشباه لذلك قد ذكرها عز وجل في كتابه ، وكانت الولاية فيها من الله عز وجل لمن يتولاه من عباده كالولاية التي يتولى الله عز وجل من يتولاه لا غير ذلك .

وإذا كانت الولاية فيما ذكرنا كذلك كانت الخلة فيما وصفنا أنها كذلك ، والله نسأله التوفيق .

وسأل سائل عن المعنى الذي من أجله لم يتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر خليلا .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه ، وهو ما بينه - صلى الله عليه وسلم - في حديث يعلى بن حكيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس الذي رويناه في هذا الباب أنه أفضل منه وهو خلة الإسلام .

ولما أخبر به في حديث أبي المعلى من ود الإيمان ، وكانت الخلة إنما تتخذ نسبها بالمودة التي قد تكون ولا إسلام معها ، وكان ما لا يكون إلا بالإسلام أو بالإيمان أفضل من ذلك ، فرد - صلى الله عليه وسلم - مكان أبي بكر منه إلى ذلك المعنى ، وجعله فوق الخليل . والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية