1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي قال له يا خير البرية
صفحة جزء
[ ص: 48 ] 157 - باب بيان مشكل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي قال له : يا خير البرية ! بقوله : ذاك إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -

1014 - حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي قال : حدثنا سفيان ، عن المختار بن فلفل قال : سمعت أنسا يقول : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا خير البرية ! فقال : ذاك أبي إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - .

1015 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق وإبراهيم بن محمد بن يونس [ ص: 49 ] البصريان جميعا ، حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا سفيان ثم ذكر بإسناده مثله .

1016 - حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا مسدد بن مسرهد قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ثم ذكر بإسناده مثله .

1017 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله .

قال أبو جعفر : فكان ما في هذا الحديث محتملا عندنا - والله أعلم - أن يكون كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول قبل أن يتخذه الله خليلا ، ولم يكن لله عز وجل خليلا حينئذ غير إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - فكان إبراهيم يفضله حينئذ بالخلة ، وكانت الخلة المحبة التي لا محبة فوقها .

فلما قال ذلك الرجل له - صلى الله عليه وسلم - : يا خير البرية ! واستحال أن يكون الله عز وجل يختص لمحبته من في عباده من هو فوقه قال له : ذاك أبي إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - . فلما جعله الله له خليلا عاد بالخلة من الله عز وجل إلى المعنى [ الذي ] كان إبراهيم استحق به في الحديث الذي روينا ما ذكر استحقاقه فيه .

ثم صار النبي - صلى الله عليه وسلم - لله عز وجل خليلا كما كان إبراهيم خليلا له ، فصارا جميعا متساويين في الخلة منه . واختص الله عز وجل نبيه دون إبراهيم بذكره فيما لا يذكر إبراهيم فيه في التأذين [ ص: 50 ] في الصلاة والإقامات بها بأن جعله - صلى الله عليه وسلم - مذكورا فيها بعقب ذكره عز وجل فيها ، فكانت هذه منزلة فضل بها - صلى الله عليه وسلم - على سائر النبيين صلى الله عليهم في الدنيا ، وأعطاه في الآخرة المقام المحمود الذي لم يعطه غيره .

1018 - كما حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن كعب بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على قل ، فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء . ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود .

1019 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قال : حدثنا عمرو بن عثمان ومحمد بن المصفى الحمصيان قالا : حدثنا بقية ، ثم ذكر بإسناده مثله .

1020 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا مكي بن [ ص: 51 ] إبراهيم ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قول الله عز وجل : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا . قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي .

1021 - وكما حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل اتخذ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله . ثم قرأ : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا .

[ ص: 52 ] قال أبو جعفر : فكان ذلك المقام المحمود مما اختصه الله به في الآخرة ، فلم يؤته أحدا سواه من أنبيائه صلى الله عليهم حتى غبطه - صلى الله عليه وسلم - به الأولون والآخرون .

1022 - كما حدثنا هارون بن كامل قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث بن سعد قال : حدثني عبيد الله بن أبي جعفر قال : سمعت حمزة بن عبد الله يقول : سمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم . وقال : إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن .

فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم - صلى الله عليه وسلم - فيقول : لست صاحب ذاك ، ثم بموسى - صلى الله عليه وسلم - فيقول ذلك ، ثم بمحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، فيشفع ليقضى بين الخلق . فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة ، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم .


[ ص: 53 ] قال أبو جعفر : وكان مما اختصه الله عز وجل به سوى ذلك .

1023 - كما حدثنا المزني قال : حدثنا الشافعي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وأرسلت إلى الأحمر والأبيض ، وأعطيت الشفاعة .

قال لنا المزني : قال الشافعي : ثم جلست إلى سفيان ، فذكر هذا الحديث فقال : الزهري عن أبي سلمة وسعيد ، عن أبي هريرة ، ثم ذكره .

[ ص: 54 ]

1024 - وكما حدثنا فهد قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال : حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء . وأوتيت هؤلاء الآيات من كنز تحت العرش : خواتيم سورة البقرة ، لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها أحد بعدي .

قال أبو جعفر : وفيما ذكرنا من هذا تصديق ما قد رويناه في باب بيان مشكل لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا .

وفيما قد رويناه فيه قول عبد الله بن مسعود مما لم يقله إلا توقيفا ؛ لأن مثله لا يقال إلا بالتوقيف ، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - أكرم الخلائق على الله عز وجل .

وفيما ذكرنا من هذا الباب ما قد دل أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوابا للذي قال له : يا خير البرية : ذاك أبي إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - . وما قد رويناه في الباب الذي ذكرناه بعده من قوله : لا تخيروني على موسى - صلى الله عليه وسلم - ، ومما ذكرناه في الباب الآخر من قوله : لا ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من [ ص: 55 ] يونس بن متى . إنما كان ذلك قبل إعطاء الله عز وجل إياه ما ذكرنا من إعطائه إياه في هذا الباب العطايا التي فضله بها على جميع خلقه حتى صار بذلك فاضلا لأولهم ولآخرهم - صلى الله عليه وسلم - والله نسأله التوفيق .

1025 - وقد حدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا الحجاج بن إبراهيم قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلام ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون .

قال أبو جعفر : وفي هذا ذكر تفضيله - صلى الله عليه وسلم - على النبيين وفيهم إبراهيم صلى الله عليه وعليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية