1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين يجتمعان في اليوم الواحد
صفحة جزء
[ ص: 186 ] 179 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العيدين يجتمعان في اليوم الواحد

1153 - حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير الكرماني قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن عثمان بن المغيرة قال : سمعت إياس بن أبي رملة قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، وهو يسأل زيد بن أرقم قال : شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين اجتمعا في يوم واحد ؟ فقال : نعم . فقال : فكيف صنع ؟ قال : صلى ، ثم رخص في الجمعة ؛ فقال : من شاء أن يصلي فليصل .

[ ص: 187 ] قال أبو جعفر : وعثمان هذا هو ابن عم الحجاج بن يوسف .

1154 - حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو داود صاحب الطيالسة قال : حدثنا إسرائيل قال : حدثنا عثمان بن المغيرة بن أبي زرعة من آل أبي عقيل ، عن إياس بن أبي رملة الشامي قال : شهدت معاوية سأل زيد بن أرقم : أشهدت عيدين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتمعا ؟ قال : نعم . قال : فما صنع ؟ قال : صلى العيد ، ورخص في الجمعة ؛ من شاء أن يجلس فليجلس .

فسأل سائل عن المراد بما في هذين الحديثين بعد استعظامه ما فيهما من الرخصة في ترك الجمعة ، ونفى ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال: كيف يكون لأحد أن يتخلف عن الجمعة مع قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله . الآية ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه : أن المرادين بالرخصة في ترك الجمعة في هذين الحديثين هم أهل العوالي الذين منازلهم خارجة عن المدينة ممن ليست الجمعة عليهم واجبة ؛ لأنهم في غير مصر من الأمصار ، والجمعة فإنما تجب على أهل الأمصار . وفي [ ص: 188 ] الأمصار دون ما سوى ذلك ، كما روي عن علي عليه السلام في ذلك مما نحيط علما أنه لم يقله رأيا ؛ إذ كان مثله لا يقال بالرأي ، وأنه لم يقله إلا توقيفا ولا توقيف يوجد في ذلك إلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وهو ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا شعبة ، عن زبيد الإيامي قال : سمعت سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي عليه السلام قال : لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر من الأمصار .

[ ص: 189 ] وما قد .

حدثنا إبراهيم قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن زبيد ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي قال : لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع .

قال أبو جعفر : فكان أهل العوالي الذين ليسوا في مصر من الأمصار لهم التخلف عن الجمعات ، ومن كان له التخلف عن الجمعات كان له التخلف عن الجماعات سواها في صلوات الأعياد ومما سواها ، وكانوا إذا حضروا الأمصار لصلوات الأعياد كانوا بذلك في موضع على أهله حضور تلك الصلاة يعني صلاة الجمعة وما سواها من صلوات الأعياد ، فأعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما في هذين الحديثين أنهم ليس عليهم أن يقيموا بمكانهم الذي حضروه لصلاة العيد حتى يدخل عليهم وقت الجمعة وهم به ، فتجب عليهم الجمعة كما تجب على أهل ذلك المكان ؛ لأنه مصر من الأمصار ، وجعل لهم أن يقيموا به اختيارا حتى يصلوا فيه الجمعة أو ينصرفوا عنه إلى أماكنهم ، ويتركون الإقامة للجمعة ، فيكون رجوعهم إلى أماكنهم رجوعا إلى أماكن لا جمعة على أهلها .

فقال : فقد رويتم أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى حديثا هو أعجب من هذا .

[ ص: 190 ]

1155 - يعني ما حدثنا به محمد بن علي بن داود البغدادي قال : حدثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : اجتمع عيدان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أيما شئتم أجزأكم .

قال : ففي هذا الحديث رده المشيئة إليهم في الإتيان إلى صلاة العيد وترك الإتيان لما سواها من صلاة الجمعة ، أو إتيان الجمعة وترك ما قبلها من صلاة العيد .

[ ص: 191 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه أنه قد يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - خاطبهم بذلك قبل يوم العيد ليفعلوه في يوم العيد ، وأعلم بذلك أهل العوالي أن لهم أن يتخلفوا ، عن صلاة العيد ويحضروا لصلاة الجمعة أو يحضروا لصلاة العيد فيصلونها ثم ينصرفون إلى أماكنهم ، ولا يحضرون الجمعة إذا كان أهل تلك الأماكن لا جمعة عليهم ؛ لأنهم ليسوا بمصر من الأمصار .

وقد روي هذا الحديث بألفاظ هي أدل على هذا المعنى من حديث محمد بن علي الذي ذكرنا .

1156 - كما حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا أبو داود وأبو عامر قالا : حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ذكوان قال : اجتمع عيدان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنكم قد أصبتم خيرا وذكرا ، وإنا مجمعون ؛ فمن شاء أن يجمع فليجمع ، ومن شاء أن يرجع فليرجع .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث كشف المعنى الذي ذكرنا [ ص: 192 ] احتمال الحديث الأول إياه ، وقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قد كان أمر أهل العوالي بمثل ذلك في يوم اجتمع فيه عيدان من أيامه .

كما حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا مالك بن أنس قال : أخبرنا ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عثمان في يوم الجمعة ، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب ، فقال : إنه قد اجتمع لكم عيدان في يومكم هذا ، من أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ، ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له .

وكما .

حدثنا بكار قال : حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال : شهدت العيد مع عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فوافق ذلك يوم الجمعة ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم قال : هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان ، من كان هاهنا [ ص: 193 ] من أهل العوالي فقد أذنا له ، ومن أحب أن يمكث فليمكث .

وفيما ذكرنا بيان لما ذكرنا مما قد تقدم وصفنا له في احتمال ما قد رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب . والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية