صفحة جزء
[ ص: 413 ] 216 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر العورة

1381 - حدثنا حسين بن نصر قال : سمعت يزيد بن هارون قال : أخبرنا بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده قال : قلت : يا رسول الله ، عوراتنا ما نأتي أو ما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك ، أو مما ملكت يمينك .

قال : قلت : يا رسول الله ، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال : فإن استطعت أن لا يراها أحد . قال : قلت : يا رسول الله ، إذا كان أحدنا خاليا ؟ قال : فالله أحق أن يستحيا منه من الناس
.

[ ص: 414 ]

1382 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : أخبرنا بهز بن حكيم ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : فالله عز وجل أحق أن يستحيا منه من الناس .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحظر على الرجال ستر عوراتهم من أزواجهم ، ولا مما ملكت أيمانهم .

1383 - وقد حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا منصور بن المعتمر ، عن موسى - قال أبو جعفر : وهو ابن عبد الله بن يزيد الأنصاري ثم الخطمي - عن مولاة لعائشة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط .

[ ص: 415 ] قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث ما ذكرناه عنها فيه ، وذلك عندنا - والله أعلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان في سنته أن هذا غير محظور عليه تركه واستعمل سنن نفسه منه ، وذلك لما أعلى الله من منزلته ورفع من قدره ، وجعل رتبته الرتبة المتجاوزة لرتب سائر خلقه سواه ، فكان فيما فعل من ذلك من الستر على ما يكون عليه من هذه منزلته ، وكان من سواه من الناس على حكم سنته المذكورة في حديث بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده عنه .

فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن عائشة ، وأنتم تروون وعندكم عنها ما يخالف ذلك ؟ وذكر .

1384 - ما قد حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد الشجري قال : حدثني يحيى بن محمد بن عباد قال : حدثني ابن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت : قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ، فأتاه ، فقرع عليه الباب ، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عريانا ، والله ما رأيته عريانا قبله ، فقبله واعتنقه .

[ ص: 416 ] فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن حديث عروة هذا عن عائشة غير مخالف لحديث مولاتها عنها الذي ذكرناه ؛ لأن الذي في هذا إخبارها أنها رأته عريانا ، وقد يكون ذلك منه عريا ليس فيه انكشاف عورة ، وأطلقت عليه فيه العري ؛ لأن أكثر بدنه كان كذلك .

والدليل على هذا التأويل أن الذي في هذا الحديث من قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان ليلقى رجلا لا يصلح له أن يلقاه مكشوف العورة ، فكان في ذلك ما قد دل على أن العري الذي لقيه عليه لم يكن فيه انكشاف عورة له ، وعاد بذلك ما رأته عائشة منه حينئذ إلى ما يصلح أن يراه ذلك الرجل من بدنه .

وفي ذلك ما قد دل أنها لم تر له حينئذ عورة ، وفي ذلك إثبات ما روته مولاة عائشة عن عائشة مما قد رويناه عنها في هذا الكتاب . والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية