1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
صفحة جزء
[ ص: 125 ] 21 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله : { وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج }

133 - وحدثنا يونس ، حدثنا بشر بن بكر ، وحدثنا الربيع المرادي ، حدثنا بشر ، عن الأوزاعي ، حدثنا حسان بن عطية ، حدثني أبو كبشة السلولي ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت رسول الله عليه السلام يقول : { بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } .

134 - حدثنا بكار بن قتيبة ، وإبراهيم بن مرزوق قالا : حدثنا أبو عاصم ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن أبي كبشة السلولي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا مثله .

[ ص: 126 ]

135 - حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني سليمان بن بلال ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله عليه السلام قال : { حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج } .

فتأملنا ما في هذا الحديث من قوله لأمته : وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فكان ذلك عندنا - والله أعلم - إرادة منه أن يعلموا ما كان فيهم من العجائب التي كانت فيهم ؛ ولأن أمورهم كانت الأنبياء تسوسها .

136 - كما حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن جحادة ، عن فرات القزاز ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن بني إسرائيل كان يسوسهم الأنبياء ، كلما مات نبي قام نبي } .

قال أبو جعفر : وكان فيما يتحدثون به من ذلك ما عسى أن يعظهم ويحذرهم من الخروج عن التمسك بدين الله ، كما خرجت عنهبنو إسرائيل ، فيعاقبهم بمثل ما عاقبهم به ، وكان مع ذلك عليه السلام يحدثهم منها .

[ ص: 127 ]

137 - كما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا سليمان بن حرب الواشحي ، حدثنا أبو هلال الراسبي ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن عمران بن حصين قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة ليله يحدث عن بني إسرائيل ما يقوم إلا لعظم صلاة } .

وقال أبو جعفر : وكان قوله عقيبا لما أمرهم به من الحديث عن بني إسرائيل ولا حرج ، أي : ولا حرج عليكم أن لا تحدثوا عنهم كمثل ما قال مما قد روي عنه فيما سوى ذلك :

138 - كما حدثنا بكار ، وإبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن حصين الحبراني ، عن أبي سعيد الخير ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه السلام : { من اكتحل فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن أتى الخلاء فليستتر ، وإن لم يجد إلا كثيب رمل فليجمعه فليستدبره ، فإن الشياطين تلعب بمقاعد بني آدم ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج ، ومن أكل طعاما فما تخلل فليلقها ، وما لاك بلسانه فليبلع ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج } .

[ ص: 128 ] قال : فكان ما أمر به من هذه الأشياء المذكورة في هذا الحديث مما أتبع أمره بكل واحد منها قوله : ولا حرج ، أي : ولا حرج عليكم أن لا تفعلوا ما أمرتكم به من ذلك ، إذ كان ما أمرهم به منه على الاختيار لا على الإيجاب ، فكان مثل ذلك ما أمرهم به من الحديث عن بني إسرائيل ، مما أتبعه قوله : ولا حرج ، مثل ذلك أيضا على التوسعة منه عليهم ، أن لا يحدثوا عنهم إن شاؤوا ؛ لأن ما أمرهم به إنما كان على الاختيار لا على الإيجاب ، وكان تلك منة من الله عليه عقيبا لقوله لهم : بلغوا عني ولو آية ، مما أمرهم به إيجابا عليهم ، فأتبع ذلك في أمره ما أمرهم به من الحديث عن بني إسرائيل ، ببيان مخالفة ذلك لما قبله ، إذ كان ما قبله على الوجوب ، والذي بعده على الاختيار .

التالي السابق


الخدمات العلمية